اخر الاخبار

الإطاحة بـ”صانع الكريستال” في البصرة: يسعى لتعليم التجار المحليين إنتاجها

أعلن جهاز الأمن الوطني، اعتقال متهم خطير بصناعة "الكريستال"...

جيش الكيان يقتل مسلحين شنا هجوما قرب البحر الميت ويبحث عن ثالث

أفادت تقارير أولية، اليوم الجمعة عن تعرض جنديين إسرائيليين...

بعثة إيران لدى الأمم المتحدة تقارن لحظات السنوار الأخير باعتقال صدام حسين

أكدت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة اليوم الجمعة، تعليقا...

توترات الشرق الأوسط ترفع أسعار النفط

صعدت أسعار النفط، في تعاملات اليوم الجمعة، مع زيادة...

إعلام عبري: الكيان سيستخدم جثة السنوار ورقة للتفاوض مقابل الرهائن

ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أنه من المتوقع أن يتم...

ذات صلة

عمائمُ القبّة الحديديّة.. من “الموسوي” إلى “الحسينيّ”، شيعةٌ أم حاخامات؟

شارك على مواقع التواصل

بغداد – إيشان

متى أضعُ العمامةَ..

لقرونٍ طويلة، ترتدي العربُ العمامةَ زيّاً، لكنها في سياقٍ لاهوتيّ فقهيّ، يتحوّل إلى زيّ دينيّ، مُميّز، فطلبةُ العلوم الدينيّة الشيعة، يرتدونها سوداء إن كانتْ شجرة أنسابهم تنتهي بأسباط محمّد وأبناء عليّ (صلوات الله عليهم)، وبيضاء إن كانوا من قبائل، أو حتى من جنسيّات أخرى، وهي تختلفُ شكلاً حتى عن العمامة السنّية في الدراسة اللاهوتيّة، ولكلّ شيخٍ طريقة، ولكلّ مدرسة دينيّة زيّ، لكن العمامة السوداء ذات دلالات عديدة، أغلبها يرتبطُ ارتباطاً عاطفياً بوجدان الناس، التي يكتفي أن يراها المرء ليقول “إنني أحترمُ عمامةَ رسول الله”، مقدّماً هذا الهاشميّ إن كان ذا علمٍ وتقوى وورع، وإن كان مجرّد زيّ، أو ما بينهما.

لكنّ التجاذبَ السياسيّ لم يترك هذا الزيّ، كما لم يترك شيئاً إلاّ وجعله طرفاً من المعادلة، وبالتالي رأى الشيعة بالعموم عمائمَ كثيرة، يمثّل شكلُها شيئاً، وينطقُ لسانُها بشيءٍ آخر.

أولى العمائم

العمامةُ قماشٌ ملفوفٌ على رأس، لا يعصمُ الرأسَ من الخطأ والزلل، وكذلك النَّسب، لكنَّ موسى الموسوي (١٩٣٣-١٩٩٦) لم يكن معمّماً فحسب، بل كان الحفيد المباشر لمرجع الطائفة السيّد أبي الحسن الأصفهاني (18601946)، بل أنّ والدَ موسى، السيّد “الحسن”، ابنَ المرجع، هو ذبيحُ المحراب، الذي تمّ قتله أثناء الصلاة، فنشأ الابنُ بعقدةٍ كبرى أثّرت على معظم مؤلفاته التي بدأت بوقتٍ مبكّر بتفكيك وتحميل العقيدة الشيعيّة بما ليس فيها، ولعلّ من أبرزها (الشيعة والتصحيح) الذي أشرف جهاز المخابرات العراقي على طبعةٍ خاصّة منه في الثمانينات، وأغرق السوق العراقية به، فضلاً عن كتاب (يا شيعة العالم استيقظوا)، وكِلا الكتابين، فضلاً عن كتابيْ (الثورة البائسة)، و(إيران بعد سقوط الخميني) كانت من الكتب المُروَّج لها بشدّة في الحرب العراقية الإيرانية من جهة، ثمّ ما بعد الانتفاضة الشعبانية.

حظيَ الموسويّ بفرصة عمل نهاية السبعينات لتدريس الفلسفة الإسلامية في جامعة بغداد، قبل أن ينتقل الى لوس أنجلوس، ليفتتح هناك مركزاً بحثياً مخصصاً للكتابة ضدّ التشيع بحجة “التصحيح” حتى وفاته ودفنه هناك.

من شتم “السيّدة”

إلى مديح “الدويلة”

في كلّ وقت، للتشيّع مريدون ومنتقدون، مجدّدون وكلاسيكيّون ومهاجِمون، وغير ذلك، وجرى ذِكرُ الموسويّ بدايةً بوصفه بدايةَ الظاهرة التي بدأت مع صعود التيّارات الشيعية الإسلامية بعد ثورة الخميني الإسلامية عام ١٩٩٧.

لكنَّ الأغرب، هو الانتقال السريع، خصوصاً من أقصى التشدّد والغلوّ الشيعيّ المرفوض من قبل غالبية أبناء المذهب، للدعوة للتطبيع بشكلٍ مباشر، وهذا ما فعله مثالاً لا حصراً: أمير القريشي.

والقريشي الذي ينفي صفةَ الإسلام أصلاً عن أبناء المذهب السنّي، ويسمّيهم بـ”البكرية”، له منبرٌ إعلاميّ في لندن، يُستخدم لشتم الجميع تقريباً، وعلى رأسهم الخلفاء الثلاثة والسيدة عائشة (رضي الله عنهم)، مزعجاً بذلك السنّة والشيعة على حدّ سواء، قبل أن تتغيّر البوصلة في الأشهر الأخيرة، لدرجة أن يصلَ الأمر لأن يقول في برنامجه التلفزيونيّ معلّقاً على كلام يخصّ المقاومة: “أنعل أبوك لابوالقدس”.

ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل شارك القريشي في مساحة تويتر، كان مسؤولاً عنها إلى جانب الصحفي الصهيوني المعروف إيدي كوهين، واستمرّت لفترة طويلة، بالتنكيل بالفلسطينيين وأهالي غزّة ومَن يقاوم، وفي أثناء الحديث يقاطعه مطبّع آخر بقوله “الآن وصلتني في واتساب رسالة من الخارجية الإسرائيلية من شخص مسؤول، يقول: إن كنتَ ترغبُ بزيارة إسرائيل فقل لي وثمّة دعوة مفتوحة لك”، فيجيب القريشي “لا مشكلة لديّ في الأمر وسألبّي دعوة الخارجية”.

غيث التميمي بالنسخة الأحدث

عاتبَهُ زميلُهُ في الدراسة الحوزوية، الشيخ أوس الخفاجي، بنشره نصّاً طويلاً وصورة مشتركة، عند أول تشييع رمزيّ قرب ضريح الصدر الثاني، محمّد محمّد صادق الصدر (قدس سره)، حيث يقفُ التميمي يخطبُ أمام القبر، بين مجموعة من علماء الحوزة، والصدرُ صاحبُ جملة شهيرة في أدبيات المقاومة المجتمعية الدينية: كلا كلا إسرائيل.

تقلّب غيث التميمي منذ عام ٢٠٠٣ بشكلٍ متسارع لدرجة أنك لا تستطيع رصد كلّ تحوّلاته، فمن صدريّ يتبعُ الأب، إلى صدريّ يتبعُ الابن، مقتدى الصدر، إلى معتقل في السجون الأمريكية، إلى داعيةٍ للتقريب بين الأديان والمذاهب، ثمّ طرح نفسه، بعد وصوله لندن إلى كونه مجدداً قريباً من مدرسة “أحمد القبانجي”، بالحديث عن الأخطاء اللغويّة في القرآن، وأسباب النزول، وغير ذلك ممّا كتبه الباحثون ونقله في يوتيوب، قبل أن يتبنى بشكلٍ واضح المعارضة السياسيّة، وعلى رأسها للبيت الشيعيّ الكلاسيكيّ وإيران.

لكن لم يلبث، وعاد إلى بغداد، وقدّم محاضرة عن ارتباط الحشد الشعبي بقضيّة الإمام الحسين (عليه السلام) عام ٢٠٢١، حذفها من يوتيوب فيما بعد، عربون صلح، قبل أن يغادر بغداد بشكلٍ تام ليعود إلى لندن، ثمّ ليتجلّى وجه آخر للتميمي لم يكن فاقعاً إلى هذه الدرجة.

المعمّم، العربيّ، معارض إيران، قال بشكلٍ واضح في مساحة في تويتر، متّبعاً خطى أمير القريشي “أنعل أبوك لابو غزّة، شنو هالقصّةالجايفة، هالمكَودة هذه الى متى؟”، بل وأنّ آخر تغريدة في حسابه كانت تهنئة بمناسبة “عيد الغفران”، حيث قال بشكلٍ واضح “أهلنا الأكارم يهود العراق، شابات شالوم وعيد غفران مبارك عليكم وعلى شعب إسرائيل”، ووصف قبلها بأيّام ما حدث في “طوفان الأقصى” بأنّه “الهجوم الإرهابي البشع الذي استهدف شعب إسرائيل، وهو اعتداء على الإنسانية جمعاء”، وتبنّى أيضاً بشكلٍ واضح تقسيم نتنياهو الخارطة العربيّة إلى: محور النعمة ومحور النقمة، قبل أن يشكل “جيش الدفاع الإسرائيلي” على “إنسانيّته” بتغريدة شهيرة أيضاً.

ويستمرّ التميمي بإدارة مساحات في تويتر مشتركة مع صحفيين إسرائيليين، وعرب مطبّعين، للحديث بشكلٍ مستمر عن ضرورة إحلال السلام مع الكيان، وأن “إسرائيل والعراق لا يمكن الفراق”.

ومنذ فترة، خلع التميميّ عمامته بشكلٍ نهائيّ، ثمّ ظهرت أخبار لم يتم التأكد منها عن تبرّؤ قبيلة تميم منه بسبب مواقفه الأخيرة.

معمّم بدرجة مقدم برامج

محمّد علي الحسينيّ، رجل دين لبنانيّ، حصل على الجنسية السعودية، ثمّ ظهر على قناة العربيّة في أيّام أكثر ممّا ظهر أيّ مقدم برامج آخر، وهذا الظهور الذي عدّه حتى جمهور القناة متكرراً وفجّاً، كان يتحدث بشكلٍ واضح ضدّ كلّ ما له علاقة بالمعركة، من الطعن بحزب الله ورجالاته، وصولاً لتحذير البلدان المساندة الأخرى.

يقيم الحسيني في أبو ظبي، ويستقبلُ على الملأ حاخاماً ويرحّب به، جزءاً أساسياً من الرؤيا السعوديّة تجاه المنطقة والمذاهب، لكن المفارقة هي أنّ الحسيني عرضَ نفسه أولاً على المعمم المغالي ياسر الحبيب، وطلب منه تمويلاً قدره ٢٠٠٠ دولار لفتح حربٍ شعواء على الرموز السنّية، عارضاً أيضاً “التعاون الأمني”، ويبدو أنه لم يلق آذاناً صاغية من التشيّع المغالي في لندن، فيمّم وجهه شطرَ التطبيع.

أكثر من قماش

بكلّ الأحوال، ثمّة فرق أساسيّ بين عمامة يُشمّ منها رائحة البارود، أو متربة بغبار المعارك، وبين العمامة اللامعة تلك التي توضع فيها الأفكار المموّلة بشكلٍ صارخٍ وفاقع، وكلّما تباينت المواقف كان الفرق بين العمامتين واضحاً، كالفرق تماماً بين عمامة تلتقطها الكاميرات المؤدلجة، لأجل الحديث المؤدلج، وعمامة يُرمى عليها نحو ٨٠ قنبلة كي توقف التهديد، وأخرى تشعل الرفض والتنديد في كلّ العالم الإسلام الشيعيّ لأنها هُدّدت بصورة، كما حدث مع عمامة مرجع الطائفة.