مع اقتراب الخريف، تتزايد المخاوف من دخول العراق في أزمة مالية خانقة بسبب فائض المعروض النفطي عالميًا، وسط توقعات بانخفاض الأسعار إلى مستويات قد تهدد موازنته العامة التي تعتمد بنسبة تقارب 96% على إيرادات بيع النفط. فبين ضغوط الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب على دول أوبك+ لزيادة الإنتاج، وانتقادات موسكو لتنامي الإمدادات، يلوح في الأفق خطر هبوط الأسعار إلى ما دون 68 دولارًا للبرميل، الأمر الذي قد يفتح الباب أمام عجز متفاقم في تمويل الرواتب والمشاريع.
ضغوط ترامب
قال الخبير في شؤون النفط والطاقة هيثم النعيمي، في تصريح لمنصة إيشان، إن اتفاق أعضاء منظمة أوبك بلس قبل عامين على خفض الإنتاج، جاء بتوجيه من السعودية، التي تحملت الحصة الأكبر من التخفيض تلتها روسيا، واستمر هذا الخفض حتى عام 2025.
وأضاف النعيمي أن وصول الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى السعودية هذا العام مثّل نقطة تحول، إذ ضغط باتجاه تخفيض أسعار النفط، الأمر الذي دفع أوبك بلس منذ نيسان 2025 إلى زيادة الإنتاج تدريجيًا بأكثر من 400 ألف برميل يوميًا، وصولًا إلى نحو 450 ألف برميل.
وبيّن أن هذه الزيادة رفعت المعروض النفطي في الأسواق، ورغم امتصاص جزء منه، إلا أن حالة عدم التوازن ما زالت قائمة. وأشار إلى أن الطلب على الوقود يرتفع صيفًا بسبب وسائل النقل والمحطات الكهربائية، لكنه تساءل: “ماذا لو انخفض الطلب في الخريف؟ من المؤكد أن العرض سيتجاوز الطلب وستنخفض الأسعار”.
وحذّر النعيمي من أن هبوط الأسعار دون 68 دولارًا للبرميل سيؤثر سلبًا على إنتاج شركات النفط الصخري، نظرًا لعدم جدواه الاقتصادية عند هذا المستوى، معتبرًا أن اضطراب الأسواق ناجم عن الضغوط التي مارسها ترامب، وقد يستمر هذا الاضطراب طوال دورة حكمه.
ما تأثير الفائض على العراق؟
يشار إلى أنه إذا استمر فائض المعروض النفطي في الأسواق العالمية، فإن العراق سيكون من أبرز المتضررين نظرًا لاعتماده شبه الكلي على صادرات الخام التي تغطي نحو 96% من إيرادات الموازنة العامة. ففي حال تراجع الأسعار إلى ما دون المستويات الآمنة، ستتقلص العائدات المالية بشكل كبير، ما يضع الحكومة أمام عجز متفاقم في تمويل الرواتب والمشاريع والخدمات الأساسية.
هذا الانخفاض سيقيد أيضًا قدرة بغداد على تنفيذ برامج استثمارية أو تنموية، ويفتح الباب أمام مزيد من الاستدانة الداخلية والخارجية، في وقت تواجه فيه البلاد أصلًا تحديات اقتصادية خانقة وبنية تحتية مترهلة، مما يجعل أزمة فائض النفط انعكاسًا مباشرًا على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للعراق.
روسيا تنتقد
وقال الرئيس التنفيذي لشركة روس نفط الروسية، إيغور سيتشين، يوم أمس السبت، إن النصف الأول من العام شهد تراجعًا حادًا في أسعار النفط نتيجة “الإفراط في الإنتاج”، محمّلًا دول أوبك، بما فيها السعودية والإمارات والعراق والكويت، مسؤولية الزيادة النشطة في الإمدادات.
ونقلت رويترز نقلا عن سيتشين قوله ان، الفائض في سوق النفط العالمية قد يصل إلى 2.6 مليون برميل يوميًا في الربع الرابع من هذا العام، قبل أن يتراجع إلى 2.2 مليون برميل يوميًا في 2026، مشيرًا إلى أن هذه التطورات تضغط على أسعار الخام وتؤثر على إيرادات الدول المنتجة.
وتُعد هذه التصريحات من أوضح الإشارات الروسية حتى الآن بشأن القلق من استراتيجية أوبك+ لزيادة الإنتاج، في وقت يعتمد فيه العراق بشكل أساسي على صادرات النفط التي تشكّل أكثر من 90% من إيراداته العامة.
