من الصعب جداً أن يولد المرء في بلد ويترعرع فيه ثم ينام ويستيقظ ليجد نفسه بلا جنسية، بقرار يراه الكثيرون “تعسفيا” حين سحبت الكويت عشرات آلاف الجنسيات من مواطنيها الذين قد أفنوا حياتهم من أجل ما اعتبروه بلدهم، حتى طال هذا القرار فنانين ولاعبي كرة قدم حملوا اسم الكويت عالياً على أكتافهم.
ونشرت الجريدة الرسمية في الكويت، في وقت سابق من اليوم الأربعاء، مرسوماً جديداً يقضي بسحب الجنسية من 153 شخصاً، ممن اكتسبوها تبعاً لأشخاص آخرين.
ووفقاً للمرسوم، فإن قرارات سحب الجنسية شملت أبناء وأحفاد عدد من شيوخ قبيلتي شمّر وعنزة، اللتين تنتشران على نطاق واسع في منطقة الخليج العربي وسوريا والعراق والأردن، بما في ذلك أفراد من آل الجربا، إحدى أبرز أفخاذ قبيلة شمّر، وآل الهذال المنتمين إلى قبيلة عنزة.
كويت بلا شوائب
وفي خطاب متلفز في آذار الماضي، موجّه لسكان الكويت الذين لا يتجاوز عددهم خمسة ملايين نسمة، ثلثهم فقط من الكويتيين، وعد الأمير الشيخ مشعل الأحمد الصباح، بـ”تسليم الكويت لأهلها الأصليين نظيفة خالية من الشوائب التي علقت بها”.
وتنتقل حالة المواطن الذي سُحبت جنسيته بشكل تلقائي عبر القانون إلى فئة المقيم بصورة غير قانونية أو ما يطلق عليه فئة غير محددي الجنسية “البدون”.
وتلزم السلطات الكويتية المسحوبة جنسياتهم بتسليم جواز السفر، والبطاقة المدنية إلى الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية.
وعادة ما يتم منح هؤلاء بطاقة تثبت أن حاملها “غير كويتي”، مع فقدان الكثير منهم الحقوق الأساسية للمواطنين مثل العلاج المجاني، والتعليم، والوظائف العامة.
وفي تصريح سابق، قال الناشط البارز من فئة “البدون” محمد البرغش، إن المسحوبة جنسياتهم، يتم تحويل عقودهم في العمل إلى عقود خاصة، وبالنسبة للطلاب ممن كانوا يدرسون على نفقة الدولة في الخارج فقد توقفت بعثاتهم، فيما لم يتأثر طلبة المدارس بسحب الجنسيات.
ويستثنى من هذا الأمر من حصل على الجنسية عن طريق التزوير، حيث يتم تجريده من كافة حقوق المواطنة أو الإقامة، ويتم ملاحقته قانونيا ومطالبته بالأموال التي حصل عليها كمرتبات طيلة سنوات خدمته.
مصير “البدون”
يوجد في الكويت فئة مهمّة من السكان الذين لا يحملون الجنسية ويُعرفون بـ”البدون”، ويُقدر عددهم بمئة ألف شخص، وهم من حُرموا من الجنسية عند استقلال الكويت من الحماية البريطانية في 1961.
لكن هذه الحملة تلغي التجنيس عن طريق الزواج، والذي كان ينطبق على النساء فقط. بهذه الطريقة، سُحبت الجنسية من جميع من أصبحن كويتيات عبر الزواج منذ 1987.
تشير أرقام وزارة الداخلية إلى أن 38505 نساء حصلن على الجنسية الكويتية بين 1993 و2020.
كما تستهدف حاملي الجنسية المزدوجة بما أن الكويت لا تسمح بذلك، إضافة إلى الأشخاص الذين حصلوا وعائلاتهم على الجنسية بطرق غير قانونية كاستخدام وثائق مزورة على سبيل المثال.
إقامة وعمل
بدوره، أكد وزير الداخلية الكويتي فهد اليوسف الصباح، مواصلته العمل في سحب الجنسيات، قائلا إن “الكويت كانت رهينة جنسيات تسللت بالغش، ونعيدها اليوم إلى أهلها”.
وأوضح أن من سُحبت جنسياتهم بموجب المادة الثامنة سيحصلون على إقامة وعمل، لكن المزورين والمزدوجين سيواجهون عقوبات صارمة.
وخلال الأشهر الماضية سحبت الكويت جنسية الداعية نبيل العوضي، والإعلامي مبارك العمير، فيما سُحبت سابقا من الفنانين “نوال الكويتية”، وداود حسين وآخرين، مع أنباء غير مؤكدة عن سحبها من الداعية وحارس مرمى المنتخب سابقا أحمد الطرابلسي.
وقدّرت وسائل إعلام كويتية أعداد من تم سحب جنسياتهم منذ بدء الحملة العام الماضي بنحو 35 ألفاً، فيما ذكرت وسائل إعلام بينها “فرانس برس” أن العدد تجاوز حاجز الـ42 ألفاً بحلول آذار الماضي.