صمتت أغلبية فصائل المقاومة العراقية (الإسلامية) التي تبنت خيار استمرار الهجمات ضد الكيان الإسرائيلي في ظل العدوان المستمر على المدنيين في قطاع غزة منذ أكثر من ستة أشهر، على التصريحات التي أدلها بها رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، بخصوص عدم وجود المعلومات التي تثبت إطلاق صواريخ وطائرات مسيرة خلال الهجوم الإيراني على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ونفى السوداني، وجود تقارير أو معلومات تثبت إطلاق الصواريخ والمسيّرات من العراق على الكيان الصهيوني، مبيناً لوسائل إعلام أميركية، أن “موقفنا واضح من عدم السماح بزجّ العراق في ساحة الصراع ونحن ملتزمون بهذا”.
وبالرغم من أن هذا النفي ينسف بيانات فصائل عراقية قالت إنها وجهت صواريخها وأصابت أهدافاً داخل عمق الكيان الإسرائيلي، إلا أنه لم يحظ باهتمام قادة هذه الفصائل، أو ربما تم اهماله، لصالح عدم ازعاج السوداني خلال زيارته إلى واشنطن.
وأطلقت إيران السبت الماضي أكثر من 300 طائرة مسيرة وصاروخ ضد منشآت إسرائيلية في الأراضي المحتلة، في أول هجوم مباشر لها على البلاد، ردا على غارة جوية إسرائيلية على مجمع سفارتها في دمشق في 11 أبريل أدت إلى مقتل ضباط عسكريين كبار.
بعد الهجوم، أكدت تصريحات عسكرية أميركية وإسرائيلية، أن بعض الطائرات المسيرة والصواريخ انطلقت من العراق، الأمر الذي طرح تساؤلات ومخاوف عن إمكانية شمول العراق بالرد الإسرائيلي المحتمل على إيران.
وسبق أن شكّك وزير الخارجية فؤاد حسين بتبنّي “المقاومة الإسلامية في العراق”، الهجمات المتكررة لمواقع عسكرية في العمّق الإسرائيلي، والتي عادة ما تنّشرها الفصائل في بيانات صحافية شبه يومية وتتناقلها منصّات مقربة منها مرفقة، في أغلب الأحيان، بمقاطع فيديو مصوّرة تقول إنها توثّق لحظة انطلاق الطائرات المسيرة، مشيراً إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي لم تعلن صحّة هذه المعلومات.
وقال حسين، في مقابلة مع إذاعة «صوت أمريكا»: “قرأت البيانات الصادرة، ولكن الجانب الآخر لم يقل إنها صحيحة، وأنا لا أعرف هل هذه البيانات للاستهلاك الداخلي أو أنها حقيقة؟”. ووفق حسين، فإن “استخدام السلاح داخل العراق يتطلب قرارا من القائد العام للقوات المسلحة، ولا ينبغي لأي شخص أن يتخذ قرارا من ذاته أن يشن حربا على هذه الجهة أو تلك، وأن قرار الحرب يصدر من مجلس النواب العراقي حصراً، وليس قرارا شخصياً”.
وآخر ما أعلنت عنه “فصائل المقاومة”، هو استهداف مطار وقاعدة عسكرية في إسرائيل بهجوم قالت إنها نفذّته عِبر طائرات مسيّرة، حسب بيانات صحافية ليلة الثلاثاء وفجر الأربعاء الماضيين.
وبحسب ثلاثة مصادر من الفصائل الإسلامية، فإن “الرد على تصريحات السوداني ووزير الخارجية فؤاد حسين، غير صحيح في هذا التوقيت تحديداً، والفصائل لا تريد حدوث أي مشاكل مع الحكومة، بل أنها أوقفت هجماتها ضد القواعد العسكرية المستضيفة لقوات التحالف، والقوات الأميركية، لإفساح المجال أمام السوداني بالتوصل إلى حلول دبلوماسية مع واشنطن”.
وأضافت المصادر، في اتصالاتٍ أجرتها “إيشان“، أن “التهدئة لا تزال قائمة مع الأميركيين وقوات التحالف الدولي، لكن ستستمر المقاومة الإسلامية العراقية بضرب أهدافها داخل العمق الإسرائيلي”، مشيرة إلى أن “المقاومة الإسلامية موجودة داخل العراق، وتقصف الكيان الإسرائيلي من العراق، لكن حديث السياسة عادة ما يحتوي على المجاملات والمناورات”.
ويقوم السوداني حاليا بزيارة إلى الولايات المتحدة، والتقى في وقت سابق بالرئيس بايدن في البيت الأبيض وناقش معه الأوضاع في المنطقة ومستقبل مهمة التحالف الدولي لمحاربة تنظيم “داعش”، إضافة إلى مناقشة اتفاق يتيح إبقاء بعض القوات الأميركية في العراق، بالإضافة إلى تفعيل بنود الإطار التنسيقي، في مجالات كثيرة من بينها التعليم والاقتصاد والسياحة والمصارف وغيرها.
من جانبه، قال المحلل السياسي أحمد الشريفي إن “أغلب فصائل المقاومة لديها مشتركات مع حكومة محمد شياع السوداني، ولا تريد أن تتسبب باضطراب أمني أو مشاكل سياسية من جراء استمرار هجماتها ضد القوات الأميركية، بالتالي فقد داخلت في تهدئة، أما استهداف العمق الإسرائيلي، فهي ملتزمة به لأنها لا تريد أن تتنصل عن واجبها في الدفاع القضية الفلسطينية”.
وأكمل الشريفي حديثه مع “إيشان“، أن “الوجود الأجنبي سيدخل مرحلة جديدة من العمل في العراق، وفق آليات وسياقات سيتم الإعلان عنها من قبل الحكومة عقب انتهاء زيارة السوداني إلى واشنطن، وتبقى الفصائل المسلحة أمام خيار القبول بها أو رفضها والعودة إلى خندق المواجهة المباشرة مع الأميركيين وقوات التحالف الدولي”.
والأربعاء الماضي، أعلنت “المقاومة الإسلامية في العراق”، قصف هدف “حيوي”، في عسقلان ومينائها النفطي. وقالت: “استمرارا بنهجنا في مقاومة الاحتلال، ونصرة لأهلنا في غزة، وردا على المجازر التي يرتكبها الكيان الغاصب بحق المدنيين الفلسطينيين من أطفال ونساء وشيوخ، استهدف مجاهدو المقاومة الإسلامية في العراق الأهداف التالية: هدف حيوي في مستوطنة عسقلان، وميناء عسقلان النفطي، وهدف حيوي في أراضينا المحتلة”.