هزّت قضية جود علي عامر، العراقيين، وأظهرت مخاطر إهمال الأطفال المصابين بـ “اضطراب التوحّد” لأن نهايتهم قد تكون مشابهة لجود، الذي عُثِرَ على جثته “متفسّخة” داخل إحدى المدارس في منطقة الشعب، شمال شرقي العاصمة بغداد.
“إبادة” تواجه الأطفال المصابين بالتوحّد، هذا ما قاله نذير معروف، مدير منظمة “إصرار” لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة عبر “إيشان”، لكنه أشار إلى قضية “خطرة”، وهي أن البحث عن المفقودين من قبل الأجهزة الأمنية، لن تتم قبل مرور ٢٤ ساعة على الفقدان.
ليس هذا الخطر فحسب، بل أن بعض العوائل العراقية “تخجل” من توحّد أطفالها، وتتركهم دون رعاية، ليكون مصيرهم أشبه بـ “جود علي عامر”.
معروف يقول لـ “إيشان”، إن “اضطراب التوحد، مشخص من الأربعينيات لكن إلى الآن لم يصل العالم إلى حلول، ولا يوجد أي تدخل دوائي يحل هذا الأمر، لتُترَك العوائل فريسة للابتزاز”.
وأضاف، أن “أغلب الوفيات لأطفال التوحد ناتجة عن الحوادث والخطأ”، مشيراً إلى أن موضوع “وفاة جود فيه ملابسات، وهو طفل عنده توحد متوسط وإفراط حركي وهكذا حالة تجعله لا يستقر في مكان واحد”.
وأشار إلى أن الأطفال المصابين بالتوحّد “عادة لديهم أصوات تعبيرية، ولديهم وسائل احتجاج عدة”، مبيناً أن الوعي العام للمجتمع صفر في هذا المجال، والعوائل تخجل من أطفالها المتوحدين، وهذه قضية مؤلمة”.
وبين، أن “كل طفل مصاب بالتوحد تختلف حالاته عن الآخرين، والتدخل المبكر في هذه الحالة، والتشخيص بعمر السنتين الأولى، واستخدام مجموعة تمارين، من الممكن أن يقلّل أعراض التوحد وحتى تحجيمها، وتجعله كيف يتعامل مع المحيط الذي يعيش به”.
ووجّه رسالة إلى العوائل قائلاً: “الطفل المصاب بالتوحد عندما يعتاد على الحركة، اتركوه ينطلق ويأخذ مساحته مع مراقبته الدقيقة، لأنه فيه إفراط حركي، ويحتاج إلى صبر وطاقة وصلابة تختبر الإنسان إلى الحد الأقصى”، متسائلاً بالقول: هل كل عوائلنا مهيأة لتدريب طفلها المصاب بالتوحد لخمس ساعات يومياً؟”.
ويؤكد أن “الواقع في العراق مخيف جداً، وقضية اتهام الأهل بالإجمال غير صحيحة، لأن الطفل المصاب بالتوحد يحتاج إلى مراقبة ١٤ ساعة يوميا”.
وأشار إلى أن “والد الطفل جود يقول: وجدنا عليه آثار كدمات وعنف ظاهري”.
وقال: “كوني رئيس منظمة، أوجه كتاباً إلى البرلمان والداخلية بأن الفقدان بمثل هذه الحالات، يجب أن يتم التحرك عليه مباشرةً، وليس الانتظار ٢٤ ساعة كما قال والد جود، إنه حين أبلغ عن فقدان ابنه، كان الجواب بأن التحرك يكون بعد ٢٤ ساعة من لحظة التبليغ”.
وأكد أن “الطفل المصاب بالتوحّد، تفرق عنده الساعة الواحدة، وهو غير مدرك لما يفعل”، مضيفاً: “نعاني من قضية الوعي بشأن هذا الموضوع، ولو تمت مراقبة الطفل جود بالشكل الدقيق، لعُرِفَ أين ذهب وفي أي شارع يمر”.
وقبل أن يختتم كلامه، قال، إن “الأطفال المصابين بالتوحد يواجهون إبادة لأنهم لا يجدون مَن يعتني بهم”.
وبعدما ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي، بحادثة الطفل جود، وجّه ناشطون ومختصون دعوات إلى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، للتدخل في حالة الأطفال المصابين بالتوحد، واتخاذ إجراءات تعين أهلهم على تجنّب مشكلات مشابهة.
وتواصلت “إيشان” مع أسرة الطفل جود علي عامر، الذي فُقِدَ لمدة ثلاثة أيام، وعُثِرَ على جثته المتفسّخة يوم أمس الأحد ٢٥ آب ٢٠٢٤، داخل إحدى المدارس في بغداد، لتُكشَف تفاصيل تخص الحادثة التي هزّت العراق، خاصّة بعد أن ساوم أحد “المتّصلين” ذوي المفقود، وطلب مبلغ ١٥ مليون دينار ليسلّمهم جود المفقود.
وقال محمد عامر، عم الطفل جود في حديث لـ “إيشان”، إن “جود خرج في الليل عند الساعة ١١ ليلاً، واتجه نحو منطقة حي أور، ثم إلى الشعب ودخل في إحدى المدارس، وكانت نهايته هناك”.
وأضاف: “لم نعرف بعد إذا كان جود قد تعرض لكدمات، ولكن وجدنا الجثة منفوخة، ولم نجد مساعدة من القوات الأمنية، ووصلنا إلى جثة جود بجهودنا الذاتية”.
وأشار إلى أن “هناك أشخاصاً ساومونا على مبلغ من المال عندما وصل الإبلاغ عن فقدان جود إلى مواقع التواصل الاجتماعي”.
وأوضح: “ساومنا أحد الأشخاص على ١٥ مليون دينار، وطلبنا منه أن يعرض صورته أمامنا لكي نمنحه الأموال، ولكنه قال، إذا امتنعتم عن دفع الأموال، فسأقوم ببيع أعضائه”.
وبنبرةٍ حزينة شاكية من عدم تعاون الجهات المعنية مع عائلة الطفل جود، أكد عمّه محمد، أنهم “ليس لديهم أي عداوات شخصية”.