في الواحد والعشرين من تموز عام 2007، توفي الكاتب والفيلسوف العراقي الشهير مدني صالح عن عمر ناهز 75 عاما، في بغداد، بعد معاناة مع المرض استمرت سنوات عدة.
ولد الكاتب مدني صالح في مدينة هيت غرب العراق عام 1932، وعرفت نتاجاته الإبداعية في حقلي الفلسفة والنقد الشعري وأثارت جدلا كبيرا في الأوساط الأدبية خصوصا كتاباته في الصحف اليومية.
وعمل صالح أستاذا للفلسفة في كلية الآداب بجامعة بغداد منذ ستينيات القرن الماضي، وكان أبرز كتاب الصفحات الأدبية في صحيفة “الجمهورية” في الثمانينيات.
وأصدر العديد من المؤلفات الأدبية والفلسفية ممزوجة بطابع أكاديمي في مقدمتها “هذا هو السياب” و”هذا هو البياتي”، فضلا عن مؤلفاته التي اهتمت بالفلسفة الإسلامية والوجودية القديمة والحديثة.
كما أصدر كتبا فلسفية مثل “الوجود” عام 1955 و”أشكال وألوان” عام 1956 و”مقامات مدني صالح” عام 1989، إضافة إلى كتب مسرحية وتحليل نقدي وفلسفي.
وكانت الصحف اليومية تخشى نشر مقالاته بسبب جرأتها النادرة، وكان يشترط عدم تعرض مقالاته إلى مقص الرقيب والحذف.
وأكمل صالح دراسته بعد تخرجه من جامعة بغداد في جامعة كامبريدج في بريطانيا. وكرس جزءا هاما من نتاجاته وكتاباته للنص المكاني لمدينته هيت الغافية على نهر الفرات غرب البلاد التي كان يعدها عاملا محفزا للإبداع رغم تمرده على قيم الحياة البدائية فيها منذ طفولته.
ووظف صالح السخرية جوهرا ومحورا رئيسيا لنتاجاته الأدبية والفلسفية حيث يعتمد أسلوبا ساخرا في تضمينها وإشاراتها للحقائق الحياتية.
ويعد الكاتب الراحل مدني صالح من أول المشتغلين والمهتمين بالفلسفة في العراق الحديث، وعرفها بأنها ليست كتابات أو نظريات بقدر ما هي صرخة تملأ الزمان لتؤسس إرادة القول.
كتب عنه كثيرون منهم حميد المطبعي وقال انه استخدم الفلسفة لنقد الظواهر الأدبية والاجتماعية .. أسس لكثير من المفاهيم الفكرية ليس أولها نظرية الفن للحياة التي تعتمد على أهمية الرمز والحلم وقلل من المباشرة والواقعية الجامدة.