زعامة المكون السني منذ سقوط نظام صدام حسين في 2003 ولغاية الآن، اقترنت بمن يمسك مطرقة مجلس النواب، التي تبحث عن ماسك لها مع شغور المنصب.
شغور منصب رئيس البرلمان، بسبب انهاء عضوية محمد الحلبوسي، أفقدت الأخير سطوته ونفوذه على المكون السني على الرغم من امتلاك كتلة تقدم التي يتزعمها اكثر من 40 مقعداً نيابياً.
ومرت قيادة المكون السني بحروب طاحنة بين زعماء التحالفات السياسية، لا سيما مع النفوذ الذي يقترن برئاسة مجلس النواب.
وبالعودة لقرار المحكمة الاتحادية العليا الخاص بإنهاء عضوية الحلبوسي الذي شكل صدمة سياسية في المشهد المضطرب مع قرب انتخابات مجالس المحافظات تتنافس الكتل السنية للفوز بمنصب سياسي رفيع يميز تحالفاً عن آخر.
وعلى الرغم من إعلان الدائرة الإعلامية للبرلمان عن عقد جلسة يوم الأربعاء خصص جدول أعمالها لانتخاب رئيس مجلس النواب، إلا أن مشهد التصويت على مرشح بعينه ما زال ضبابياً لغاية الآن.
وفي حال تمرير شخصية بعيدة عن تحالف تقدم، سينتهي حلم الحلبوسي بالعودة لزعامة المكون السني، الذي كان وما زال يشهد حرباً ضروس بين الأقطاب المتخاصمة.
وينشغل المكون السني في التنافس على كرسي البرلمان، فقد قدم تحالف “الحسم” الذي يضم بعض القوى السنية في بغداد والمنافس لتحالف “تقدم”، وتحالف “عزم” بقيادة خميس الخنجر، ثلاثة مرشحين لنيل المنصب، ليصبح المرشحون الثلاثة هم طلال الزوبعي ومحمود المشهداني وسالم العيساوي.
وفي وقت سابق، أجرت قيادات في تحالف “العزم” لقاءات واتصالات مع زعماء في “الإطار التنسيقي” للترتيب للحصول على منصب رئاسة البرلمان.
وتطرح بعض الكتل انتقال منصب رئاسة البرلمان بين المحافظات، بمعنى أن رئيس البرلمان كان من الأنبار، وقبلها من ديالى والأسبق من نينوى، فيجب أن يكون الآن من صلاح الدين أو بغداد، في الوقت الذي ترفض فيه قوى أخرى هذا الطرح.
ولا تنفي الأسباب القضائية والقانونية المباشرة التي أدّت إلى إزاحة الحلبوسي واستقالة نجم الجبوري من منصب محافظ نينوى، دور الصراعات السياسية بين أقطاب المعسكر السياسي السنّي الذي ينتمي إليه الحلبوسي والجبوري في استبعادهما من المنصبين.
وعلى مدى السنوات التي أعقبت سقوط النظام السابق، أشعل التنافس الحادّ على المناصب السياسية وما خلفها من مكاسب مادّية صراعات حادّة بين عدد من السياسيين السنّة على زعامة المكوّن، الأمر الذي صبّ في مصلحة المعسكر الشيعي والكردي على الرغم من الانقسامات داخل المكونين.
وفي ظرف أقل من نصف شهر ألغيت عضوية الحلبوسي في البرلمان بحكم من المحكمة الاتحادية العليا بسبب تورّطه في قضية تزوير، ودُفع الجبوري إلى الاستقالة من منصبه بسبب شموله بقانون اجتثاث حزب البعث.
وتعدّ السيطرة على المحافظات السنية ضمن الرهانات الكبيرة لتلك الانتخابات، التي لا تقتصر المنافسة على قيادتها على أبنائها فحسب، بل تسعى الأحزاب كذلك لأن يكون لها موطئ قدم فيها، وذلك حفاظا على مصالح لها أمنية واقتصادية أوجدتها هناك بعد الحرب على داعش.
وتعمل تلك الأحزاب على أن تكون على رأس المحافظات السنية شخصيات طيّعة ومتوافقة معها.
ووسط احتدام الصراع، تزداد المخاوف من تأثير ذلك على المشهد الأمني الهش أساساً في مناطق شمال وغرب العراق، خاصة مع وجود تاريخ من الاهتزازات الأمنية أعقبت أزمات سياسية سابقة للقوى ذاتها.
ولا ترتبط الخلافات بين القوى المتنافسة على مجالس المحافظات المقبلة (الحكومات المحلية) حول رؤية أو برنامج، إنما تدور حول تنافس على المناصب والمكاسب، وهو ما يظهر من تشابه شعارات الطرفين الخدمية وحتى السياسية منها.