اخر الاخبار

“داعش بلباس الجيش”.. واشنطن تبرئ المسلحين وتتنصل من دماء السويداء

قال المبعوث الأميركي، توم باراك، إن مسلحي تنظيم "داعش"...

عوائل ضحايا حريق الكوت ترفض الهماشي وتطالب بآخر مستقل “ليس طرفاً بالحادث” 

  انتخب مجلس محافظة واسط، اليوم الأربعاء، هادي مجيد كزار...

منع دخول وإلغاء شهادات.. جامعة كولومبيا تعاقب 80 طالبا بسبب احتجاج مؤيد للفلسطينيين

قالت جامعة كولومبيا إنها فرضت إجراءات تأديبية على عشرات...

من “رجل على رجل” إلى استقالة: الحلفان لم ينقذ المياحي

بينما كانت ألسنة اللهب تلتهم زوايا "هايبر ماركت" في...

ذات صلة

من الماروني إلى الدرزي.. ذريعة “حماية الأقليات” تعيد رسم الشرق الأوسط عبر حلق “اللحى والشوارب”

شارك على مواقع التواصل

منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011، ظلت إسرائيل تراقب عن كثب تطورات الجنوب السوري، خصوصًا في محافظات القنيطرة وريف درعا والسويداء، حيث تتواجد الطائفة الدرزية قرب حدود الجولان المحتل، ويُقدّر عدد الدروز في سوريا بنحو 700 ألف نسمة.

الشرق الأوسط الجديد يُرسم اليوم عبر حلق اللحى والشوارب، لا عبر المؤتمرات، وهو النموذج الذي تسعى إليه إسرائيل لتحقيق مشروعها التوسعي، والعبور إلى لبنان وسوريا تحت عناوين وأدوات ميدانية ناعمة، لكن بغايات استعمارية قديمة.

ورغم مرور أكثر من عقد على الحرب، ومع انهيار النظام السوري فعلياً نهاية العام الماضي، تشهد سوريا حالياً تصعيداً عسكرياً حاداً، خاصة في دمشق والسويداء، ما فتح الباب لتدخل إسرائيلي محتمل تحت غطاء “حماية الأقليات”.

تصعيد عسكري وذرائع “إنسانية”

خلال الأيام الماضية، شنت إسرائيل سلسلة غارات جوية على مواقع في محيط دمشق وريف السويداء والقنيطرة، مبررة ذلك بالدفاع عن الدروز الذين “يتعرضون لانتهاكات من النظام السوري الجديد”، بحسب الرواية الإسرائيلية.

هذا التصعيد يتشابه إلى حد بعيد مع سلوك إسرائيل في جنوب لبنان خلال ثمانينات القرن الماضي، حين استخدمت “حماية المسيحيين” ذريعة لإنشاء الشريط الحدودي المحتل، وهو ما يعكس محاولة مكررة لفرض واقع جديد عبر الخطاب الإنساني.

صمت الإدارة الجديدة

ما يثير التساؤلات أكثر، هو الصمت المطبق من الإدارة الجديدة التي يقودها الجولاني، حيث لم تُسجّل أي ردود واضحة على القصف الإسرائيلي أو على الدعوات التي تُمهّد لتدخل مباشر.

ويرى مراقبون أن هذا الصمت قد يُفسر كـ”ضوء أخضر غير مباشر”، أو محاولة لتجنب الاصطدام مع إسرائيل، في ظل استمرار مغازلة دمشق لتل أبيب وواشنطن، وتقديم التنازلات تمهيداً للتطبيع.

توترات السويداء واستثمار إسرائيلي

في السويداء، المعقل الرئيس للدروز، تتصاعد الاشتباكات مع عناصر السلطة الجديدة في دمشق، على خلفية دخول قوات الأمن إلى السويداء، والاعتداء على سكانها، ومع تصاعد حدة الغضب، بدأ الإعلام الإسرائيلي بتكثيف حديثه عن “استعدادات لتدخل عاجل” لحماية الدروز.

تقارير ميدانية أشارت إلى قيام قوات الأمن السورية بارتكاب انتهاكات واسعة في السويداء، بما في ذلك استخدام القوة المفرطة ضد المدنيين، الأمر الذي دفع زعماء دروز إلى المطالبة بحماية دولية، وهنا، تحاول تل أبيب تقديم نفسها كـ”منقذ محتمل”.

استمالة الداخل وتفكيك الجغرافيا

تدرك إسرائيل أن الطائفة الدرزية في سوريا تُعد ذات ثقل رمزي واستراتيجي، ولذا تسعى إلى استمالة شرائح منها من خلال خطاب الحماية والضمانات.

وتُظهر السياسة الإسرائيلية الراهنة محاولة لتكرار سيناريو “الشريط الأمني”، عبر: توسيع العمق الأمني شمال الجولان المحتل بذريعة إنسانية، خلق منطقة عازلة تشبه التجربة اللبنانية أو التركية في الشمال السوري، وتحويل الدروز إلى حلفاء، واستخدام خطاب حماية الأقليات لابتزاز المجتمع الدولي وتحقيق مكاسب سياسية.

بين الجولان والجنوب.. ذاكرة الاحتلال

السوابق التاريخية تضيف بعداً أكثر خطورة لهذه التحركات، فقد احتلت إسرائيل هضبة الجولان في 1967، ثم أعلنت ضمها عام 1981 في خطوة لم يعترف بها العالم حتى أقرّ بها الرئيس السابق دونالد ترامب في 2019، لتشكل “سابقة قانونية”.

اليوم، قد تُستغل هذه السابقة لتوسيع التغلغل نحو الجنوب السوري، بذريعة “التهديدات الأمنية”، خصوصاً مع تصنيف هذه المنطقة كـ”خاصرة رخوة” للعمق الإسرائيلي.

تبدو إسرائيل اليوم وكأنها تُحضّر لمشهد شبيه باجتياحها جنوب لبنان، لكن بطريقة أكثر نعومة، وأكثر التواءً: عبر الإعلام، والمنظمات الدولية، والتحالفات الطائفية، وخطاب الأقليات.

الصمت الدولي

في ظل صمت دولي مريب، تبدو إسرائيل اليوم أقرب من أي وقت مضى إلى فرض واقع جديد وهو ما قد يكون “الشرق الأوسط الجديد”، وقد يجد السوريون أنفسهم أمام واقع مشابه لما عاشه جنوب لبنان لعقود.. ولكن هذه المرة، في السويداء ودمشق.