بعد عمر حافل بنشر علوم أهل البيت عليهم السلام، توفي الشيخ حسين الأعلمي الحائري مؤسس مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، والذي طبع كتاب الميزان في تفسير القرآن لأستاذه العلامة الطباطبائي.
ويعد الشيخ الأعلمي، من الأشخاص الذين وضعوا كتب الشيعة في دائرة المنافسة مع الكتب الأخرى، حيث غير معادلة النشر في لبنان والمنطقة العربية، بعد أن انتقل من النجف الأشرف إلى سوريا، وبعدها بيروت ليمكث فيها.
ولد الشيخ حسين الأعلمي الحائري، مؤسس مؤسسة الأعلمي، في النجف الأشرف وقام بتدريس العلوم الدينية مع والده، ونُفي إلى سوريا ولبنان بعد حكم حزب البعث في العراق، حيث مكث في سوريا لفترة قصيرة ثم استقر في بيروت.
وبسبب اهتمامه بنشر أعمال علماء الشيعة، وجد الأعلمي بيروت المدينة الأفضل لتحقيق أهدافه فأسس فيها مؤسسة الأعلمي للمطبوعات.
يعود سبب اختياره لبيروت هو أن نشر الكتب الإسلامية والشيعية لم يكن رائجاً في هذه المدينة، وكانت معظم الكتب تستورد من مصر والعراق وإيران بأسعار مرتفعة.
في عام 1963م دخلت عائلة الأعلمي في مجال نشر الكتب مستعينة بخبرة الناشرين المصريين، حيث سافر الشيخ حسين العلمي إلى مصر والهند وعدة دول أخرى، لتأسيس دار نشره، والتقى بعلماء هذه الدول، وعلى رأسهم شيخ الأزهر الشيخ محمود شلتوت.
لم يكن نشر الكتب الاسلامية، قبل دار الأعلمي في لبنان، رائجاً، فتلك الحرفة، اقتصرت على دور نشر بسيطة، طبعت العدد القليل من الكتب، واستوردت أخرى من مصر والعراق وايران بأسعار مرتفعة.
غير أن مبادرة بسيطة من الشيخ حسين الأعلمي، وضعت الكتب الشيعية في دائرة المنافسة مع الكتب الأخرى، استناداً إلى تجربة دور النشر المصرية التي كانت تعتمد مبدأ “اطبع أكثر ووفر الكتاب بسعر زهيد للقارئ”.
لكن هذه العائلة التي دخلت عالم النشر في العام 1963، وخاضت غمار التأليف قبل هذه الفترة بكثير، ويُحسب للشيخ محمد حسين الأعلمي، والد الشيخ حسين، أنه ألف موسوعة دائرة المعارف الشيعية، المؤلفة من 30 جزءاً، وقضى حياته في تحقيقها وتدوينها وتوثيقها استناداً الى علم الرجال.
وتعد دار الأعلمي، هي أول دار في لبنان متخصصة بالكتب الشيعية، كانت مركزها قبل بدء الحرب اللبنانية في وسط بيروت في بناية العازراية شارع المكتبات، حيث كانت العائلة تنشر وتسكن في شقة واحدة.
ورغم صعوبات الطباعة والنشر، وضعف التقنيات، والتجليد باليد وليس بالماكينات، كانت أول دار نشر تتخصص بنشر تراث الشيعة وأهل البيت (ع)، وتخطى انجازاتها محاولات ضئيلة وخجولة مثل طباعة دار العرفان في صيدا لبعض الكتب، وكذلك دار الأندلس، ودار الحياة حيث قاموا بطباعة بعض الكتب الشيعية.
ويروي الشيخ حسين الأعلمي كيف شجعه السيد موسى الصدر على طباعة كتاب “الميزان” لأستاذه العلامة الطباطبائي، بعد أن ذكر له أهميته، ويقول: “لم يكن العلامة الطباطبائي معروفاً في لبنان بل في إيران، طبعنا الموسوعة جزءاً وراء جزء، بدءاً من العام 1968، حيث كان السيد موسى يأخذه بيده إلى إيران لتصحيحه، وكانت تبقى الحروف مصفوفة ريثما يعود مع النسخة المصححة.
فقد كانت الطباعة عملية صعبة ومتعبة ومرهقة، حيث استمر اكمال الكتاب طيلة 6 سنوات أي قبيل الحرب الأهلية.
أما اليوم تطبع الدار بعض الكتب المعجمية، مثل لسان العرب ومجمع البحرين، والمفردات والملل والنحل وتاريخ الطبري، وكليلة ودمنة والمعاجم اللغوية والتاريخية وغيرها من الكتب المقبولة في العالم العربي، بحكم منع الكتب الشيعية في الانتشار في المشرق العربي ومغربه.