اخر الاخبار

الأمن النيابية تعلن إكمال إعداد قانون الحشد وتتحدث عن “فرصة” لإقراره مستقبلاً

أعلنت لجنة الأمن والدفاع النيابية، اليوم الثلاثاء، الانتهاء من...

الكتائب: حادثة الزراعة فخ نسج خيوطه “أحد خونة الشيعة”

رأى المسؤول الأمني لكتائب حزب الله، "أبو علي العسكري"،...

مارك زوكربيرغ يعلن الحرب على أبل عبر “الذكاء الشخصي الفائق”

يسعى مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة "ميتا"، إلى إنهاء...

بمساعدة شخص آخر.. الأمن السوري يتهم “عاملة تنظيف” بجريمة قتل ديالا صلحي

  أعلنت قيادة قوى الأمن الداخلي في العاصمة السورية دمشق،...

ذات صلة

ولادة سيد النجف.. خيمة العراق الكبرى تدخل عامها الخامس والتسعين

شارك على مواقع التواصل

في مثل هذا اليوم من عام 1930، وُلد السيد علي الحسيني السيستاني بمدينة مشهد الإيرانية، لعائلة علمية عريقة تعود جذورها إلى النجف الأشرف. واليوم، في الرابع من آب 2025، يُتم المرجع الأعلى للشيعة في العراق والعالم عامه الخامس والتسعين.

من مشهد إلى النجف.. بداية المسار

نشأ السيد السيستاني في بيئة دينية، وبدأ دراسته في سن مبكرة، متأثرًا بوالده وعلماء عصره. انتقل إلى قم لمواصلة دراسته، ثم إلى النجف عام 1951، حيث تلقى علومه على يد كبار المراجع، أبرزهم السيد أبو القاسم الخوئي، حتى أصبح من أبرز تلامذته وخلفائه.

أظهر نبوغًا في الفقه والأصول، حتى نال رتبة الاجتهاد، وبقي ملازمًا لحلقات الدرس والتأليف، زاهدًا في الظهور، نافرًا من الأضواء، مترفعًا عن الخوض في الشأن العام إلا بقدر الضرورة.

حكمة المرجعية في لحظة الانهيار

عقب سقوط النظام البعثي عام 2003، كان العراق على مفترق طرق، تتنازعه الفوضى، وتُهدده مشاريع التقسيم، وتضعف فيه سلطة الدولة. في تلك اللحظة، برز صوت السيد السيستاني كمرجعيةٍ تحفظ وحدة البلاد وتوجّه الناس نحو المسار السلمي. طالب بانتخابات لا تُفرض من الخارج، وأصرّ على كتابة دستور يُمثّل إرادة العراقيين. فكانت دعوته عاملاً حاسمًا في تجنيب البلاد الانزلاق نحو الاحتراب.

أما في عام 2014، حين اجتاح تنظيم داعش ثلث البلاد، كانت فتوى “الجهاد الكفائي” نقطة تحوّل حاسمة. أصدرها السيستاني لحث العراقيين على الدفاع عن وطنهم، فاستجاب الآلاف، وتشكّلت فصائل ساهمت في تحرير المدن، في إطار الدولة وتحت رايتها. لم تكن الفتوى دعوة لحرب مفتوحة، بل لواجب أخلاقي ومشروع وطني.

بابٌ مغلق في وجه السياسيين.. مفتوحٌ أمام الشعب

منذ تولّيه المرجعية الدينية العليا، حافظ السيد السيستاني على تقليدٍ صارم في النأي عن الساسة، رافضًا استقبال أي مسؤول سياسي، محلي أو أجنبي، باستثناء ممثلي الأمم المتحدة.

لم يدخل في تحالف، ولم يدعم حزبًا، ولم يُهادن سلطة. كان يُرسل رسائله عبر خطب الجمعة التي يُلقيها وكلاؤه، ويُصدر توجيهاته عند الضرورة، دون أن يُمسك بخيوط السلطة، أو يُغريه بريقها.

هذا الموقف جعل منه مرجعًا فوق الاصطفافات، يستمع إليه الجميع، ويحتكم إلى حكمته المختلفون، ويخشى تجاهله من لا يُطيق نقده. فصمتُه كان أبلغ من الكلام، وموقفه أوزن من بيان.

أغلق بابه بوجه السياسيين منذ سنوات بعيدة، ولم يفتحها أمامهم.. بل جعل بيته مفتوحاً أمام المواطنين الذين يزورونه في النجف، فالكثير من العراقيين، يعدّونه “خيمة العراق وأمنه”.

“لا تُظهروا صورتي”..

رغم مقامه الرفيع، يرفض السيد السيستاني تعليق صوره أو استخدامها في الحملات أو المناسبات العامة، ويدعو بوضوح إلى الكفّ عن ذلك، معتبرًا أن المرجعية ليست وسيلة دعائية، بل مسؤولية دينية وأخلاقية.

ويوم أمس الأحد، أصدر توجيهاً، برفع صوره من الطرق العامة وطرق زائري الأربعينية، وقال، إن “بعض الجهات السياسية والخدمية تضع الصورة هناك”.

في عامه الخامس والتسعين، ما زال السيد السيستاني رمزًا للتقوى والزهد والبصيرة، وصوتًا لحماية السلم الأهلي، وضميرًا يُنصت له العراقيون حين تتداخل الأصوات. لم يسعَ إلى مجدٍ دنيوي، لكن التاريخ سجّله في صفحاته بصوته الهادئ وفعله الحاسم، ليبقى شاهدًا على أن الكلمة قد تنقذ وطنًا، وأن الزهد قد يصنع ما لا تصنعه السلطة.