في ليل بهيم محاط بالأعداء ليل الحادي عشر من شهر المحرم، مشت السيدة زينب لوحدها بوادي كربلاء تتعثر بأشلاء أخوتها وأبنائها، استلمت قطعة من جسد الحسين رفعتها إلى السماء وقالت: اللهم تقبل منا هذا القربان.
منذ تلك اللحظة والعراقيون يوقدون الشموع في ليلة الوحشة، حين بقيت عباءة ابنة علي لوحدها، بمواجهة جيوش آل أمية.
مسيرات ليلة الوحشة، تشهدها مختلف المدن العراقية، وتمتلئ الشوارع بالمعزين المواسين لجبل الصبر السيدة زينب، الذين يسيرون بمواكبهم ليلاً، ويحملون بأيديهم الشموع وأعينهم تذرف الدموع.
ليس السائرين في الشوارع، مَن يُشعل الشموع في ليلة الوحشة، بل حتى الكثير من البيوت العراقية، تشهد إيقاد الشموع في أبوابها وداخلها، وهم يستذكرون لحظة استشهاد الإمام الحسين وأهل بيته عليهم السلام.
في هذه اللّيلة الرهيبة كانت السيدة زينب (عليها السلام) ملجأ الأيتام رغم ثقل المصائب ومرارتها، وكانت طوداً شامخاً واجهت المصائب، فتولّت حراسة الأسرى وجمعت النساء والأطفال في ليلٍ مرعب.
توجهت السيدة زينب في مثل هذا اليوم إلى أداء صلاة الليل، وكانت متعبةً جدّاً بحيث أنّها لم تستطع أن تصلّيها وقوفاً فصلّت صلاة اللّيل من جلوس، وفي هذا يقول الإمام زين العابدين(عليه السلام): (فتحتُ عيني ليلةَ الحادي عشر من المحرّم وإذا أنا أرى عمّتي زينب تصلّي نافلة اللّيل وهي جالسة).