تجتهد الحكومة العراقية عبر التواصل واللقاءات ومنح الضمانات للإدارة الأميركية من أجل رفع الحظر عن عدد من المصارف العراقية التي عاقبتها واشنطن، بحجج تهريب الدولار إلى إيران، بالإضافة إلى شبهات بتورطها في غسيل الأموال المسروقة من الدولة العراقية، إلا أن تقدماً يكاد يكون غير منظور يجري في هذا الملف.
وبحسب مصادر رسمية وشبه رسمية، فإن المصارف المحظورة من قبل الخزانة الامريكية تشكل 50% من المصارف الأهلية في العراق، ما يعني أنها تعاني تجميد أرصدتها في الخارج وإيقاف المعاملات والتحويلات الخارجية مع البنوك المراسلة.
هذا الحظر المفروض على المصارف الأهلية أثر بشكلٍ سلبي على الاقتصاد العراقي، خصوصاً وأن المصارف الأهلية تشكل أكثر من 47 بالمائة من الأصول و36 بالمائة من الودائع و37 بالمائة من رأس المال، بالتالي فقد أدى الحظر إلى شلل في حركة المال داخلياً وخارجياً.
وأكد رئيس اللجنة المالية البرلمانية، أحمد الكناني، في وقتٍ سابق، أن “مجلس النواب ولجنة الاقتصاد تولي اهتماما كبيرا بهذا الموضوع كونه يوثر بشكل سلبي على نمو الاقتصاد العراقي، وأن اللجنة تتابع الموضوع مع مجلس الوزراء والبنك المركزي العراقي لإيجاد حلول ناجعة تساهم في رفع الحظر عن هذه المصارف”.
وفي تموز الماضي، فرضت وزارة الخزانة الأميركية، عقوبات على 14 مصرفاً عراقيا في حملة على تعاملات إيران بالدولار. كما أظهرت وثيقة رسمية صادرة البنك المركزي العراقي في شباط الجاري حظر 8 مصارف عراقية من الاشتراك في نافذة بيع وشراء العملة الأجنبية.
وكان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية فؤاد حسين، قد طالب في بداية شباط الجاري، الولايات المتحدة الأميركية بإعادة النظر في العقوبات المفروضة على 21 مصرفاً عراقياً تساهم في تمويل مفردات السلة الغذائية للأسر من ذوي الدخل المحدود، حسبما أعلنته وزارة الخارجية العراقية في بيان.
في السياق، قال مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية مظهر محمد صالح، إن “المصارف الأهلية التي تزيد اليوم على 63 مصرفاً، تشكل رؤوس أموالها نسبة تقارب 78 بالمائة من إجمالي رؤوس أموال القطاع المصرفي بشقيه الحكومي والأهلي معا، وأن تعرض نصفها للحرمان من جانب السلطة النقدية في الولايات المتحدة وحرمانها من التعاطي بالنقد الاجنبي، يعني ترك أثراً بالغاً في التأثير على النشاط التمويلي المنظم في القطاع الخاص”.
“فضلاً عن تأثر حملة الأسهم بكونهم أصحاب حقوق ملكية وتعرضهم إلى حالة من اللا استقرار في إدارة الثروة ومواجهة حالة من مخاطر الملكية والتخوف من المجهول”، وفقاً لصالح الذي تحدث مع “إيشان”.
وأضاف المستشار أن “الدولة العراقية تعمل جاهدة للحفاظ على استقرار وقيمة رأس المال الوطني وحقوق المساهمين من أصحاب حقوق التملك والمودعين الأهليين كافة لدى تلك المصارف، وهي سياسة حكومية مسؤولة من حيث المبدأ على توفير الاستقرار الاقتصادي واستقرار السوق، ذلك بالسعي لرفع مستوى حوكمة المصارف الأهلية وتوفير متسعات عالية من تطبيق مؤشرات”.
من جانبه، بيَّن الخبير الاقتصادي عمر الحلبوسي، أن “المصارف الأهلية المحظورة تزايد عددها في ثلاثة الأعوام الأخيرة، بسبب ارتكاب المصارف جملة من الجرائم المالية وغياب الدور الرقابي للبنك المركزي العراقي عليها، وكان حري به أن يقوم هو بفرض هذه العقوبات وليست وزارة الخزانة الأميركية”.
ولفت الخبير إلى أن “البنك المركزي أخل بدوره الرقابي السلطوي رغم تحذيرات الخزانة والفيدرالي الأميركي مما دفع واشنطن لفرض هذه العقوبات”، مستكملاً حديثه مع “إيشان”، أن “مساهمة المصارف بدعم الاقتصاد العراقي ضئيلة كونها مصارف حزبية وعائلية وجدت لتحقيق الاستفادة على حساب الاقتصاد الوطني، مع العلم أن جميع المصارف سواء المعاقبة أو غير المعاقبة ليس لها الدور الكبير في دعم الاقتصاد الوطني”.
الحلبوسي أشار إلى أن “المصارف الخاصة ليست لديها استثمارات كبيرة بل نشاطات استثمارية ضئيلة، وأنها وجدت لتعتاش على نافذة بيع العملة الأجنبية، وتعمل بعقلية الدكان لا المصارف لذلك وجدنا أنها حين فرضت عليها العقوبات لجأت إلى التخلي عن الكثير من كوادرها ومنيت بخسائر كبيرة”.