يتبع الرئيس الأمريكي سياسات هجومية لفرض التغيير بالقوة، وفق أسلوبه في عالم العقارات الذي يقوم على “الصدمة” و”تقنية الهدم الجذري”، بحسب صحيفة لو فيغارو الفرنسية.
وقالت الصحيفة إن سياسة ترامب التي طورها في صراعاته العقارية، والتي تقوم على التفاوض القوي والضغط على الأطراف المختلفة لتحقيق مصالحه، قد تكون المفتاح لفهم تحركاته السياسية، خاصة في ملف السياسة الخارجية.
وأشار تقرير الصحيفة إلى أنه من المعروف أن ترامب لا يتردد في اتخاذ مواقف مثيرة للجدل على الساحة الدولية، ما يترك خصومه في حالة من الارتباك والتشويش.
ورأى أنه لفهم نياته، يجب العودة إلى سنواته في عالم العقارات بنيويورك، حيث صاغ رؤيته للسياسة وللتفاوض، وكان يتعين عليه دائمًا أن يختبر مدى جدوى مشروعاته قبل أن يبدأ في إقناع جميع الأطراف المعنية، من الحكومة إلى المهندسين والممولين.
ومن هنا، طوّر ترامب أسلوبه المميز المعروف بـ “تقنية مطرقة الهدم”، وهذه طريقة تهدف إلى إظهار القوة والضغط على جميع المعنيين.
أسلوب الصدمة
ويوضح ترامب في كتابه “فن الصفقة “كيف يستخدم أسلوب “الصدمة” للتأثير على خصومه، إذ يطرح اقتراحات غير تقليدية بهدف إرباك الأطراف الأخرى وإحداث حالة من الفوضى الذهنية التي تتيح له تعزيز موقفه.
من جانبه، يشير الفيلسوف الفرنسي ميشيل إلتشانينوف إلى أن هذه الاستراتيجية ليست مجرد مناورات سياسية، بل هي محاولة لتطبيق قوة غير قابلة للمقاومة، ما يؤدي إلى إرباك الأعداء وخلق حالة من الصدمة العاطفية التي تجعلهم يفقدون القدرة على المقاومة.
وبحسب تقرير الصحيفة الفرنسية، يشكل الاقتصاد حجر الزاوية في سياسة ترامب الخارجية، وهو يراه أداة فاعلة لإحداث التغيير.
وفي تصريحه الأخير حول غزة، اقترح ترامب تحويل المنطقة إلى “”، وهو ما يعكس تفكيره التجاري، إذ يبدو أن ترامب يعتقد أن الحلول الاقتصادية قد تكون كافية لحل نزاع معقد دام لأكثر من 80 عامًا.
وذكرت الصحيفة أن هذا الفكر ليس جديدًا، فقد طرح في 2019 فكرة تحويل كوريا الشمالية إلى “ريفييرا” أيضًا في حال تم التوصل إلى اتفاق سلام مع النظام الكوري الشمالي، إلا أن هذا الطموح العقاري لم يجد صدى في أي من السياقات الجيوسياسية، سواء في كوريا الشمالية أم في الشرق الأوسط.
الدولة الفلسطينية
وأكد التقرير أن العنصر الأبرز في سياسة ترامب الخارجية هو تراجعه عن دعم فكرة الدولة الفلسطينية، التي كانت السياسة الأمريكية تركز على إنشائها، وهو ما يبدو أنه لم يعد يشكل أولوية بالنسبة لترامب.
ويبدو أن ترامب قد تراجع عن فكرة حل الدولتين التي كانت تمثل هدفًا أساسيًّا للسياسة الأمريكية على مدار عقود.
الجانب العربي
وأشار التقرير إلى أنه في ضوء مواقفه الأخيرة، يمكن تفسير تصريحات ترامب على أنها محاولة لإحداث صدمة في العالم العربي لدفعه إلى إعادة تقييم مواقفه، من خلال طرحه لحلول غير تقليدية، مثل تحويل غزة إلى منتجع اقتصادي.
ويطرح ترامب سؤالًا قويًّا: “إلى أين وصلت سياساتكم؟”، معتبرًا أن الوضع في بات كارثيًّا رغم محاولات الحلول المتعددة على مدى عقود، وبذلك، يبدو ترامب كأنه يوجه دعوة مباشرة للدول العربية للتخلي عن سياساتها القديمة والانفتاح على مقاربات جديدة.