اخر الاخبار

الداخلية السورية تكشف عن إنهاء “مشروع انقلاب” لمجموعة من ضباط النظام السابق

أعلن وزير الداخلية السوري أنس خطاب، اليوم الأربعاء أن...

الأمن الأردني ينهي التحقيق بـ”خلية التخريب”: متهمة بتصنيع صواريخ لغرض استخدامها

أنهت محكمة أمن الدولة الأردنية، اليوم الأربعاء، كافة الإجراءات...

السوداني يدعو أحمد الشرع إلى قمة بغداد.. سوريا أمام اختبار العودة العربية

أكد رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، اليوم الأربعاء،...

من فلوس اليوتيوب.. يوتيوبر مصري بـ5 ملايين متابع يشتري نادياً إنجليزياً 

في خطوة مفاجئة وغير مألوفة، أعلن اليوتيوبر المصري مروان...

اتحاد الكرة يستعين بخبير قانوني مصري لمواجهة كاساس

نقلت صحيفة الصباح الرياضي (شبه الرسمية)، عن مصدر مطلع...

ذات صلة

صاحب كتاب “يوميات من العراق”.. العالم يودّع الروائي الشهير ماريو فارغاس يوسا

شارك على مواقع التواصل

في رسالة كتبها نجله البكر ألفارو، ووقعها شقيقه غونزالو وشقيقته مورغانا: “بحزن عميق نعلن وفاة والدنا ماريو فارغاس يوسا اليوم في ليما بهدوء محاطًا بعائلته”، ودع العالم الروائي البيروفي الشهير الذي قد كانت له زيارة إلى العراق بعد عام 2003.
وأعلنت الحكومة البيروفية 14 أبريل/ نيسان يوم “حداد وطني”، مشيرة إلى تنكيس الأعلام على المباني العامة، بحسب مرسوم صدر منتصف ليل الأحد.
ولم تتطرق العائلة إلى سبب وفاة الكاتب، لكنّ صحته كانت ضعيفة منذ عودته إلى العاصمة البيروفية في العام 2024، بعد مغادرته مدريد.
وأضاف أولاده أن رحيله يبث الحزن في نفوس العائلة والأصدقاء والقرّاء في مختلف أنحاء العالم، “لكننا نأمل أن يجدوا العزاء، كما نجده نحن، في حقيقة أنه تمتع بحياة طويلة ومتنوعة ومثمرة”.
وأمام منزل الكاتب المطل على المحيط الهادئ في حي بارانكو، تجمعت مجموعة صغيرة من الأشخاص في صمت عند تلقي خبر وفاته، حاملين نسخًا من أعماله.
وفي رسالة عبر منصة إكس، أعربت الرئيسة البيروفية دينا بولوارتي عن أسفها لوفاة فارغاس يوسا. وكتبت: “إن عبقريته الفكرية وأعماله الكثيرة ستبقى إرثًا دائمًا للأجيال المقبلة”.
ووصف رئيس غواتيمالا برناردو أريفالو الكاتب بأنه “مؤرخ عظيم لأميركا اللاتينية ومترجم فطن لمساراتها ومصائرها”.
من جهته، كتب الرئيس الكولومبي السابق ألفارو أوريبي عبر منصة إكس أيضًا: “رحل ماريو فارغاس يوسا، أحد أساتذة الأدب الكبار. ترك لنا أعماله، وروعته، ومثاله. ترك لنا مسارًا لنتّبعه في المستقبل”، بينما أكّد نائب وزير الخارجية الأميركي كريستوفر لاندو أنّ “مواضيعه واهتماماته خالدة وعالمية”.
وبعد سقوط نظام صدام حسين في عام 2003، زار الكاتب البيروفي، يوسا العراق وتجول في عدة مدن، منها بغداد، النجف، والسليمانية، حيث التقى برجال دين، قادة سياسيين، ومواطنين عاديين، كما زار مناطق كردية والتقى بمسؤولين من الحزبين الكرديين الرئيسيين. أثمرت هذه الرحلة عن كتابه “يوميات من العراق”، الذي صدر بالإسبانية وتُرجم لاحقًا إلى عدة لغات، منها الإنجليزية، الفرنسية، الألمانية، والهولندية.
ينقسم الكتاب إلى قسمين: الأول يتضمن ثمانية فصول من يومياته في العراق، والثاني يضم أربع دراسات تحليلية كتبها عن الحرب على العراق، بعضها قبل الرحلة والبعض الآخر بعدها. من بين المواضيع التي تناولها: الحياة اليومية في بغداد، التنوع الديني، الأكراد، والآثار النفسية للحرب على المجتمع العراقي.
أحد الفصول اللافتة في الكتاب بعنوان “ميت في درعه”، يتناول فيه يوسا مقتل ثلاث شخصيات التقاها خلال رحلته، وهم: آية الله محمد باقر الحكيم، سيرجيو فييرا دي ميلو، وكابتن مانويل مارتا أوار. يُعبر يوسا عن حزنه لمقتلهم، معتبرًا أنهم ضحايا الفوضى التي أعقبت الغزو.
وتُعد هذه الزيارة من أبرز الأحداث الثقافية التي وثقت مرحلة حرجة في تاريخ العراق من منظور أدبي عالمي، حيث قدم يوسا رؤى نقدية وتحليلات عميقة حول التغيرات السياسية والاجتماعية التي شهدها البلد آنذاك
في الثالث عشر من نيسان 2025، طوىت صفحة القامة الأدبية والفكرية، يوسا، حيث لم يكن الراحل مجرد روائي عابر، بل كان صوتا مدويا أثرى سماء الفكر والثقافة العالميين، وبذكاء حاد وموهبة فذة، أعاد تشكيل ملامح الأدب اللاتيني، محولا إياه إلى جسر متين يربط بين عوالم الإنسان الخاصة وهمومه الكونية.
يوسا، عراب الرواية البيروفية الذي استقر في ذاكرة التاريخ، ترك بصمات عميقة لا تُمحى على امتداد القرنين العشرين والحادي والعشرين، ولقد كان في محراب الأدب، مهندسا بارعا للسرد، يزاوج بمهارة نادرة بين جرأة التجريب التقني وعمق الواقعية النقدية.
ففي رحاب رواياته الخالدة، كـ”حرب نهاية العالم” و”حديث في الكاتدرائية”، تتجلى قدرته الاستثنائية على نسج عوالم روائية آسرة، تستكشف بدقة وتعقيد خبايا المجتمع ودهاليز النفس البشرية. وبأسلوبه المتعدد الأصوات، الذي يتسم بالتداخل الزمني والحوارات الممتدة، كان يوسا يمنح قارئه متعة أدبية رفيعة المستوى، مصحوبة بتحدٍ فكري يوقظ الذهن.
في 28 مارس/ آذار 1936، أبصر خورخي ماريو بيدرو بارغاس يوسا النور في مدينة أريكيبا الجنوبية في بيرو، لعائلة تنتمي إلى الطبقة المتوسطة، وقد طبعت طفولته المبكرة تجربة انفصال والديه، بمزيج من الشوق والتحدي، وعاش بعض سنواته الأولى في بوليفيا، حيث انتقلت عائلته، قبل أن يعود إلى بيرو ليتلقى تعليما صارما في أكاديمية ليونسيو برادو العسكرية، هذه التجربة القاسية، التي وصفها لاحقا بأنها شكلت مادة خاما لروايته الأولى “المدينة والكلاب” (1963)، حققت نجاحا مدويا وحصدت العديد من الجوائز المرموقة.
التحق بجامعة سان ماركوس الوطنية في ليما، حيث نهل من علوم القانون والآداب، وبدأ وعيه يتشكل بتأثير الأفكار السياسية اليسارية في شبابه. وقاده شغفه العميق بالقراءة والكتابة إلى باريس في ستينات القرن العشرين، حيث عمل صحافيا وكاتبا ناشئا، منغمسا في الأجواء الأدبية الأوروبية واللاتينية الزاخرة.
وفي باريس، ترسخت علاقته بكتاب “الطفرة الأدبية” في أميركا اللاتينية، أمثال غبريال غارسيا ماركيز وخوليو كورتازار، ليصبح جزءا لا يتجزأ من هذه الحركة الأدبية المؤثرة الجريئة التي أعادت صياغة مفهوم الرواية اللاتينية، فمزجت ببراعة آسرة بين صلابة الواقع وخصوبة الخيال، وجرأة التجريب في تقنيات السرد وعمق الغوص في تعقيدات المجتمعات اللاتينية.
في رحاب رواياته الباذخة، كـ”البيت الأخضر” (1966) و”حديث في الكاتدرائية” (1969)، تجلت قدرته الفائقة على نسج حكايات متشابكة الخيوط، تكشف النقاب عن براثن الفساد، وطغيان الظلم، وصراعات السلطة المتأصلة في تربة بيرو وخارجها.
ففي “البيت الأخضر”، استكشف التناقضات الحادة بين مختلف الثقافات البيروفية، بينما في “حديث في الكاتدرائية”، رسم بفرشاة فنان متمكن لوحة قاتمة تجسد عبث السياسة ونفاقها المتجذر في ظل حكم الديكتاتورية.
أما تحفته الروائية “حرب نهاية العالم” (1981)، فتعد من أمهات أعماله، حيث أعاد صوغ أحداث ثورة كانودوس في البرازيل، أواخر القرن التاسع عشر، بأسلوب يجمع بين دقة المؤرخ وجمالية الأسطورة.
تناولت الرواية بجرأة قضايا التعصب والعنف والمقاومة، وكشفت عن طموحه الذي تجاوز حدود بيرو الضيقة ليلامس قضايا إنسانية ذات بعد عالمي. وفي “حفلة التيس” (2000)، قدم تأملات عميقة حول طبيعة الديكتاتورية من خلال شخصية رافائيل تروخيو في جمهورية الدومينيكان، وبرع في تصوير التأثير المدمر للسلطة المطلقة على الفرد والمجتمع برمته.