يستعد العراق خلال الأيام القليلة المقبلة لدخول واحدة من أشد مراحل الصيف حرارة، مع اقتراب ما يُعرف محلياً بـ”جمرة القيظ”، وهي الفترة التي تسجل فيها البلاد درجات حرارة قياسية تتجاوز أحياناً حاجز الـ50 درجة مئوية، وتُعد ذروة النشاط الحراري السنوي الذي يضرب العراق ودول الخليج العربي.
بحسب ما أعلن المنبئ الجوي صادق عطية يوم الأربعاء، فإن البلاد تقف على أعتاب “مرحلة جديدة من فصل الصيف”، مع نهاية فترات الاعتدال النسبي التي شهدتها الأيام الماضية. واعتباراً من السبت الموافق 12 تموز/يوليو، يُتوقع أن تبدأ درجات الحرارة بالتصاعد الحاد، خصوصاً في المناطق الوسطى والجنوبية، حيث ستسجل مدن عدة درجات حرارة “خمسينية”، بينما ستكون أقل من ذلك بقليل في بقية المدن العراقية.
ما “جمرة القيظ”؟
“جمرة القيظ” هي تسمية محلية لفترة من الصيف تمتد عادة من منتصف تموز/يوليو وحتى منتصف آب/أغسطس، وتتميز بارتفاع شديد في درجات الحرارة، وانعدام شبه تام للهطول المطري، إلى جانب نشاط الرياح الجافة. وتزامناً مع هذه الظاهرة، يزداد تأثير المنخفض الحراري السطحي القادم من الجزيرة العربية والذي يدفع كتلًا من الهواء الساخن والجاف باتجاه العراق، بينما يتزامن ذلك مع استقرار مرتفع جوي في الطبقات العليا من الغلاف الجوي، يمنع أي تخلخل في الضغط ويسبب ما يُشبه “غطاءً حرارياً” يحبس الحرارة ويمنع تبريد الطبقات السفلية.
يرتبط هذا التصعيد في درجات الحرارة بعدة عوامل متزامنة، أبرزها:
-
المنخفض الحراري السطحي: يتحرك من الجنوب الشرقي للمنطقة باتجاه العراق، حاملاً معه كتلاً من الهواء الساخن والجاف.
-
الموقع الفلكي: حيث تكون الشمس في ذروة سطوعها فوق العراق، ما يجعل أشعتها شبه عمودية على البلاد ويزيد من الإشعاع الشمسي المباشر.
-
المرتفع الجوي العلوي: يساهم في حبس الحرارة ويمنع التيارات الباردة من الوصول، وهو ما يؤدي إلى ما يشبه “الفرن الجوي” فوق المنطقة.
مدن الجنوب العراقي مثل البصرة، الناصرية، العمارة والسماوة، إلى جانب مدن وسطى كالديوانية وكربلاء والنجف، ستكون في طليعة المناطق الأكثر تأثراً بالتصعيد الحراري، حيث من المرجح أن تتجاوز درجات الحرارة فيها حاجز الـ50 درجة مئوية، فيما تسجل بغداد أرقاماً قريبة من ذلك، بحسب التنبؤات الجوية الأولية.
تداعيات صحية
في ظل هذه الظروف، حذّر عطية المواطنين من التعرض المباشر لأشعة الشمس، خاصة خلال ساعات الذروة الممتدة من الساعة 11 صباحاً حتى 4 عصراً، حيث تبلغ الحرارة ذروتها وتزيد نسبة الإصابة بضربات الشمس. كما دعا إلى: الإكثار من شرب المياه والسوائل الباردة. وتقليل النشاطات الخارجية قدر الإمكان. وتجنب الوقوف أو المشي في الأماكن المكشوفة أو الخالية من الظلال. والعناية الإضافية بكبار السن والأطفال، كونهم أكثر الفئات تأثراً بموجات الحر الشديدة.
الصيفي الحقيقي يبدأ الآن
وفي ختام تنبؤاته، شدد عطية على أن “الصيف الحقيقي يبدأ الآن”، في إشارة إلى الدخول الرسمي في فترة الحرارة القصوى التي تُعد بمثابة اختبار سنوي لبنية الطاقة، والبنى التحتية، وقدرة السكان على التكيّف مع أحد أقسى أنواع المناخ في العالم.
وبينما لا تزال “جمرة القيظ” في بداياتها، تستعد المستشفيات ومراكز الطوارئ لمواجهة ارتفاع حالات الإجهاد الحراري، فيما يُتوقع أن تشهد منظومة الكهرباء الوطنية ضغطاً متزايداً مع ارتفاع الأحمال نتيجة الاستخدام المكثف لأجهزة التكييف والتبريد.
