اخر الاخبار

ذات صلة

استدعاء الروح الصدرية.. اجتماع الحنانة “يخلط” الحسابات السياسية.. الزعيم يجهّز للقادم

شارك على مواقع التواصل

في لحظة بدت وكأنها استدعاء للروح الصدرية من جديد، اجتمع زعيم التيار الوطني الشيعي، مقتدى الصدر في الحنانة، مع قيادات الكتلة الصدرية المستقيلة من البرلمان، في لقاءٍ وُصف بأنه ليس مجرد اجتماع تنظيمي، بل رسالة سياسية مشحونة بالدلالات.

فالصدر الذي انسحب من العملية السياسية، ما زال يراقب المشهد بعين القائد الحاضر رغم الغياب، مستعداً لتحريك المياه الراكدة في أي وقت يراه مناسباً.. هذا ما تظهره الأحداث والمواقف.

تفاصيل الاجتماع

من داخل الاجتماع، تسربت تفاصيل تُعيد للأذهان أسلوب الصدر في بعث رسائله غير المباشرة، إذ قال النائب الصدري السابق إياد المحمداوي إن اللقاء لم يكن سياسياً تقليدياً، بل “ندوة فكرية وتنظيمية” جرى خلالها التأكيد على أن المقاطعة ليست انسحاباً بل موقف مبدئي، وأن “قوة التيار لا تُقاس بالمناصب ولا بالمقاعد، بل بالثبات على المبدأ والولاء للعقيدة الإصلاحية”.

المحمداوي أوضح أن الصدر دعا أتباعه إلى الصبر أمام الاستفزازات، مؤكداً أن المرحلة المقبلة “قد تشهد خطوة مفاجئة لكنها عقلانية تخدم مصلحة العراق وتحميه من الانزلاق نحو الفوضى”.

الغائب الحاضر

هذه الرسالة ليست جديدة على نهج الصدر. فمنذ انسحابه في صيف 2022، أبقى الرجل خيوط اللعبة بيده من خلف الستار، وتجلّى ذلك في مواقف عديدة، أبرزها تمرير قانون جعل عيد الغدير عطلة رسمية، الذي عُدّ آنذاك دليلاً على أن التيار ما زال مؤثراً في القرارات المفصلية، رغم غيابه الرسمي عن الحكومة والبرلمان.

المحلل السياسي المستقل نبيل العزاوي قرأ الاجتماع من زاوية أعمق، قائلاً إن “اجتماع الحنانة يعطي إيماءات واضحة بأن التيار الصدري حاضر وإن غاب، وجاهز لأي أمر قد يحدث في الفترة القريبة القادمة”.

ويرى العزاوي خلال حديث لـ “إيشان”، أن “الصدر يمكن أن يكون موجهاً ومحركاً من خارج العملية السياسية، كما فعل في مواقف سابقة، حين استطاع أن يؤثر في اتجاهات القرار من دون أن يكون جزءاً منه”.

رسالةٌ يجب أن تُقرَأ

وبحسب العزاوي، فإن الرسالة الأهم موجهة إلى الإطار التنسيقي، الذي يجب أن “يقرأ الاجتماع بتمعّن، ويتناغم مع رؤية الصدر في إيجاد مساحة تقريب حقيقية، إذا أراد أن تسير الأمور إلى بر الأمان”.

وأضاف أن “التقسيمات الوزارية يجب أن تبنى على أساس وطني لا مكوناتي، مع طرح خيارات يرضى عنها الصدر، لأن تجاهل رؤيته يعني فتح الباب أمام توتر سياسي جديد قد يعيد مشهد الشارع إلى نقطة الغليان”.

وبينما يرى مراقبون أن الصدر يحاول التمهيد لمرحلة ما بعد الانتخابات المقبلة، يعتقد آخرون أن تحركاته الأخيرة تهدف إلى تذكير القوى السياسية بأنه لا يزال رقماً حاسماً في المعادلة، وأن أي محاولة لتجاهل تأثيره ستكون مكلفة.

في هذا السياق، يؤكد المحلل السياسي مجاشع التميمي، المقرب من الصدريين، أن “اجتماع النجف الذي ترأسه حسن العذاري وأحمد المطيري يعكس وضوح الرؤية لدى التيار الوطني الشيعي في تمسكه بمواقفه المبدئية”.

التميمي أوضح لـ “إيشان”، أن ما طرحه الشيخ المطيري ناقلاً رسالة السيد الصدر، “يؤكد أن الصبر وتحمل الاستفزازات ضرورة في هذه المرحلة، خصوصاً مع ما قد تشهده الساحة قبل الانتخابات وبعدها”.

وأضاف أن “الصدر لا يتراجع، لأن موقفه مرتبط برأي المرجعية الدينية، وهو ما يمنحه بعداً شرعياً وأخلاقياً”.
ويتابع قائلاً: “الإشارة إلى تحضير الصدر لخطوات مفاجئة، بعيدة عن التصعيد والفوضى، توحي بوجود رؤية بديلة لحماية العراق من أزماته، ووضع مصلحة الشعب فوق كل اعتبار، وربما نحن أمام حدث سياسي كبير يلوح في الأفق”.

الرسائل التي خرجت من الاجتماع لا تتحدث عن عودة وشيكة، بل عن حضورٍ بصيغة مختلفة، حضورٍ يذكّر الجميع أن التيار الصدري، وإن غاب عن السلطة، فإنه ما زال في قلب القرار، ينتظر اللحظة التي يرى فيها العراق مستعداً لخطوة جديدة… ربما مفاجِئة، وربما مصيرية.