منذ 28 يوماً، وبعد تشكيل 13 محافظة حكوماتها المحلية، ما تزال ديالى وكركوك، تصارعان من أجل حسم توزيع المناصب بسبب عدم توافق قواها السياسي.
وعلى الرغم من محاولة زعيم تحالف نبني هادي العامري استخدام نفوذه لحسم الحكومة المحلية في ديالى، باءت خطته بتقديم نجل رئيس المحكمة الاتحادية جاسم العميري مرشح تسوية لمنصب المحافظ بالفشل.
هذه الخطة التي تقدم بها العامري، عقّدت من الوضع العام في ديالى، التي تشهد منذ أيام تظاهرات لأنصار المحافظ الحالي مثنى التميمي.
وقطع محتجون مناصرون للتميمي الطرق التي تصل المحافظة ببغداد والمحافظات أخرى اعتراضاً على مساع القوى السياسية تغييره.
أما في كركوك، فإن الصراعات المعقدة بين الأطراف السياسية ما زالت تسهم في تعثر مفاوضات تشكيل الحكومة المحلية بالمدينة ذات التنوع السكاني الإثني والقومي.
وما زال الفشل في عقد الجلسة الأولى لمجلس المحافظتين حاضراً، وهو أمر يتقاطع مع قانون مجالس المحافظات الذي يحتم عقد الجلسة الأولى بعد 15 يوماً فقط من تاريخ المصادقة.
ويذهب رأي المحكمة الاتحادية في هذا السياق إلى انتفاء صفة المجلس مع عدم عقد الجلسة الأولى، وحين تنجح الأطراف في ذلك، فسيكون من الواجب انتخاب المحافظ ورئيس المجلس في غضون 30 يوماً.
وتبدو التعقيدات وانعكاساتها الخطيرة على أوضاع المحافظتين والسكان بشكل عام أكثر وضوحاً في كركوك وديالى.
يأتي ذلك في وقت حصلت 13 محافظة على مصادقة رئاسة الجمهورية، بينما بقيت الأطراف السياسية في كركوك وديالى تراوح في منطقة النزاع وعدم الاتفاق.
وتتمحور الخلافات السياسية في ديالى وكركوك حول منصب المحافظ، المسؤول التنفيذي الأول، بالدرجة الأساس، وبدرجة أقل حول منصب رئيس مجلس المحافظة المحددة مهمته بالمراقبة والإشراف على منصب المحافظ.
ويتمثل الصراع السياسي في هذه المحافظة الغنية بالنفط في تنازع المكونات الثلاثة الأساسية فيها، وهم الكرد والعرب والتركمان إلى جانب أقلية مسيحية، حول منصب المحافظ، حيث يتمسك الكرد بحقهم في هذا المنصب بعد أن خسروه في عمليات إعادة فرض القانون التي نفذها رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي عام 2017.
وفي المقابل، يصر العرب على بقاء المنصب الذي حصلوا عليه بعد تلك العمليات في أيديهم، وبينما يتمسك كل طرف بمطالبه، تأتي نتائج الانتخابات المتقاربة لتزيد الأمور تعقيداً، وتفتح الطريق أمام مزيد من التناحر والتأخير في حسم الصراع حول المناصب.
وحصل الكرد مجتمعين مع كوتا المكون المسيحي على 8 مقاعد من أصل 16 في مجلس كركوك، وللعرب والتركمان المتحالفين نصف المقاعد المتبقية، ما يجعل الأمور أكثر تعقيداً باتجاه الحسم، إذا ما عرفنا أن انعقاد الجلسة الأولى لمجلس المحافظة بحاجة إلى 9 مقاعد.
ويرى مراقبون أن “منصب المحافظ لن يغادر ساحة الكتلة العربية، لأسباب كثيرة وضمنها الخلافات الكبيرة بين الحزبين الكرديين، الاتحاد والديمقراطي، إلى جانب الدعم العربي الواسع الممتد لبغداد لإسناد المنصب لمحافظ عربي”.
وتميل كفة العرب أكثر بسبب تأثير اللاعبين الإقليميين مثل تركيا وإيران اللذين يرغبان بإسناد المنصب للعرب، بالنظر لخشيتهما من تمدد كردي جديد في كركوك.
وكانت الجبهة التركمانية التي لها مقعدان في مجلس كركوك، قد اقترحت في وقت سابق حلاً لازمة حكومة كركوك المحلية، يتضمن اختيار المحافظ بشكل دوري بين مكونات المحافظة (العرب والتركمان والكرد).
ديالى، وفي هذه المحافظة التي تقع على الحدود شرقاً مع إيران، يتكرر سيناريو تعطيل عقد الجلسة الأولى لمجلس المحافظة وفشل الأطراف السياسية في التوصل لتفاهم حول منصب المحافظ ورئيس المجلس.
وتبدو الأمور في ديالى أكثر تعقيداً من كركوك، بالنظر لتوزع مقاعد المجلس المحلي بين نحو 7 ائتلافات سياسية، يتصدرها تحالف ديالتنا الوطني بأربع مقاعد فقط من مجموع 15 مقعداً إجمالي عدد مقاعد مجلس المحافظة.
وبرزت خلافات كبيرة حتى داخل التحالف الأكبر ديالتنا الوطني من خلال تمسك عضو التحالف المحافظ المنتهية ولايته مثنى التميمي في منصب المحافظ، في مقابل ترشيح العامري مرشحين جدد، كان أخرهم محمد العميري،
وتراجع العامري، السبت، عن دعم ترشيح العميري، ما يضيف مزيداً من الضبابية على مستقبل الحكومة المحلية في هذه المحافظة.
وقال العامري في بيان تعليقاً على ترشيح وسحب ترشيح العميري لمنصب المحافظ: “بخصوص ترشيح محمد جاسم العميري، محافظاً لمحافظة ديالى، ومرشح تسوية لمعالجة الانسداد السياسي في هذه المحافظة، وكنت أعتقد بيني وبين الله، وما زلت أعتقد أنه أفضل حل لمعالجة الانسداد السياسي”.
وأضاف: “مع شديد الأسف اصطدمنا بموضوع العمر القانوني، حيث ينص القانون (المرشح لإشغال منصب المحافظ يجب أن يكون قد أكمل الثلاثين عاماً)، لذلك قررنا سحب ترشيحنا لمحمد العميري، الذي يبلغ 28 عاماً فقط”.