وقعت تحت تأثير المقاطع المصورة التي تحث على التداول المالي، كنت أعلم أنه ليس أمرا هينا، لكن العديد من المقاطع دفعتني إلى خوض هذه التجربة، وحينما صادفني إعلان ممول لمؤسسة معروفة في البصرة، عن تنظيم ورشة لتعلم “الفوركس”، لم أتردد لحظة في التسجيل فيها، تقول تمارة.
وتضيف تمارة، وهي طالبة جامعية من محافظة البصرة، في حديث لمنصة “إيشان”: “حينما بدأت الورشة (أون لاين) لم أكن العراقية الوحيدة بين المشتركين، كان معنا سوريين ولبنانيين، وكان مدرب الورشة لبناني الجنسية”، وتضيف: “كانت المحاضرة الأولى مقنعة لي، تحدث خلالها المدرب عن خساراته وأرباحه منذ بدأ هذا العمل عام 2016”.
وتشير تمارة إلى أن “فكرة تحسين الحالة المادية، والانطلاق بعمل لا يتطلب مجهودا بدنيا ولا سلطة مباشرة من أحد، تفتت حينما علمت مصادفة أن التعامل بهذا التطبيق ممنوع في العراق!”.
ما الفوركس؟
الفوركس (أو FX) هو اختصار لمصطلح ” Foreign Exchange” أي تداول العملات الأجنبية، وهو “المكان” الذي يتم فيه تداول العملات. وفي هذه السوق، يطلق على تبادل عملة مقابل عملة أخرى مصطلح تداول العملات، والذي يكون دائمًا في شكل أزواج.
فإذا أراد أحد المتداولين تبادل اليورو (EUR) مقابل الدولار الأمريكي (USD)، سيكون الزوج الذي سيقوم بتداوله هو زوج اليورو/الدولار الأمريكي (EURUSD). يعني تداول العملات أن المتداول يقوم في الوقت نفسه بشراء إحدى العملات وبيع عملة أخرى.
تساهم عوامل اقتصادية وسياسية وبيئية مختلفة في تغيير قيم العملات، ويقوم متداولون الفوركس بشراء وبيع العملات من أجل الاستفادة من هذه التغيرات في القيمة. سوق الفوركس هي سوق عالمية وغير مركزية، التداول فيها يبلغ 5 تريليونات دولار يوميًا، ومن دون أن يكون لهذه السوق أي مكان مادي أو بورصة مركزية، ويتم التداول فيها على مدار 24 ساعة يوميًا/ 5 أيام أسبوعيًا.
تداول | مقامرة
ويوم أمس الأول بثت وكالة الأنباء العراقية، اعترافات متهم أطاحت به وكالة الاستخبارات إثر تعامله بموقع “فوركس”، قال خلالها إن “موقع الفوركس عبارة عن مضاربة بالعملات العالمية سواء الدولار مقابل اليورو أو اليورو مقابل الين ويدخل بمجال المقامرة”.
وذكر أن “الشركة التي نعمل فيها غير مجازة من قبل البنك المركزي وهيئة الأوراق المالية”، لافتاً الى أن “آلية العمل بالفوركس تتضمن إدخال المواطن دورات عن طريق الاستهداف على الانستغرام أو الفيسبوك، حيث يدخل المواطن دورة بهذا العمل ونقوم بتعليمه في هذا المجال”.
ودعا المواطنين الى “عدم الانجرار لهذه الأمور كونها غير قانونية”.
وفي وثيقة صادرة عن محافظ البنك المركزي وكالة علي محسن اسماعيل، في نهاية كانون الثاني من العام 2023، وجه خلالها تحذيرا من المنصات التي تروج لـ”مواقع غير مرخصة للتداول بنشاط الفوركس”، وأمر بعدم التعامل معها.
ضحايا لشركات تختفي عن الأنظار
يشير عمر الحلبوسي الباحث الاقتصادي في حديث لمنصة “إيشان” إن “تداول الفوركس في العراق ممنوع من قبل البنك المركزي وكافة الجهات الحكومية المعنية، إذ لم تمنح حتى الآن أي رخصة للتداول فوركس في العراق”.
وأضاف: “سابقا شكلت لجنة من هيئة الأوراق المالية وممثلين عن وزارة الداخلية والبنك المركزي العراقي والأمانة العامة لمجلس الوزراء وجهاز الأمن الوطني وعقدت اجتماعات عديدة وأصدرت مجموعة مقترحات لترخيص هذه الشركات مقابل شروط أبرزها: خطاب ضمان لإيداع بعض أو جزء من أموالهم في حال الإخلال بها، وتعليمات للمستثمر ليعرف حقوقه، وتم رفع التوصيات إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء لكن لم يحدث شيء بهذا الخصوص حتى الآن”.
وتابع: “جميع شركات الفوركس التي تروج للتداول في العراق هي شركات غير قانونية ولم تمنح الترخيص حتى الآن والأموال التي تحصل عليها لم تعرف أين تذهب؟ وهل تلتزم بقوانين مكافحة غسيل الأموال؟ وما هي الضمانات لأموال المواطنين؟”.
وأكمل: “كما أن هناك العديد من المواطنين تم النصب عليهم من خلال هذه الشركات مما تسبب لهم بخسارة أموال كبيرة بعدما سرقت هذه الشركات الوهمية الاموال واختفت عن الأنظار”.
“ليست حظ يانصيب”
يقول الخبير الاقتصادي، مصطفى حنتوش في حديث لمنصة “إيشان”: “إذا كان سوق التداول رسميا، أي أن هيئة الأوراق المالية معترفة به، ومنظم في سوق رسمي داخل البلد، فيكون عبر تداول الأسهم والسندات، وفي هذه الحالة فهو موضوع طبيعي، وغير محرم شرعا، إذ إنه عملية مشاركة بتمويل الشركات وتنتج عنها أرباح وخسائر”.
ونبه حنتوش قائلا: إن “التداول بالأسهم ليس عملية (حظ يانصيب)، بل هي دراسات دقيقة، إذ إن السهم المطلوب شرائه يتطلب دراسته والاطلاع على تاريخه وإفصاحه المالي والمحاسبي، وكشف الدخل، انظر إلى مستقبل السهم، وأرباح الشركة، ومن ثم أحد فيما إذا كان السهم يناسبني أم لا”.