اقترب الصدريون من العودة إلى الانتخابات، أكثر من أي وقتٍ مضى، فدعوة زعيمهم مقتدى الصدر، إلى تحديث بياناتهم في سجل الناخبين، قد تكون دلالةً على عودتهم للعملية السياسية، ولكن القادم، سيكشف خطط الصدريين، التي لم يعلم بها أحد بعد سواه.
لم نشهد إعلاناً رسمياً لعودة الصدريين إلى الانتخابات والعملية السياسية، التي قاطعوها حين كانوا ٧٣ نائباً في مجلس النواب، وهو أكبر تكتل تحت القبة التشريعية، ولكن الأيام حُبلى بالمفاجآت التي قد “تقلب حسابات الكتل الأخرى”، وفقاً لما تظهره التطورات السياسية.
من الإشاعة إلى “الاستفتاء”
كانت عودة الصدريين إلى الانتخابات “إشاعة” لم يثبتها أحد، ولكن الرأي العام تحرّك تدريجياً معها، فأنصار الصدر إن دخلوا إلى المعترك الانتخابي، فسيكونون منافسين لخصومهم الآخرين.
ومع انتشار إشاعة عودة الصدريين، ظهر من الحنانة، هذا الموقف الذي قد يبدو واضحاً، فزعيمهم قد قرر تهيئة أنصاره لأي قرار مستقبلي يتخذه التيار الوطني الشيعي، وهو ما قاله الصدر صراحةً لأحد أنصاره في رد على استفتائه المتضمن: “هل نحدث سجل الناخبين”؟. ليكون رد الصدر كالتالي: “ذلك أمر لا بد منه، بل هو نافع لكم، سواء دخلتم الانتخابات أم قاطعتموها، فالتفتوا إلى ذلك رجاء أكيداً”.
ردُّ الصدر على استفتاء مواطن، حمل دلالات عدّة، أبرزها، أن الصدريين سيعودون إلى العملية السياسية، وقد يكون ردّاً على محاولة “بعض الأطراف، قياس ردود الفعل داخل وخارج التيار، خصوصًا في ظل المتغيرات السياسية المعقدة، وفقاً لآراء السياسيين.
رئيس الوزراء “الصدري”
وفي السادس عشر من شباط الحالي، زار جعفر الصدر، محافظة البصرة، بصفته سفيراً عراقياً لدى المملكة المتحدة، وعادت إلى الذاكرة، مسألة ترشيحه لرئاسة الوزراء، التي كان يطمح إليها الصدر، في حكومة أغلبية وطنية.
تُعد هذه الزيارة الأولى من نوعها على المستوى الرسمي للمقرب من زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر إلى البصرة، مما أثار تساؤلات حول دلالاتها في ظل التطورات السياسية الراهنة.
وتأتي هذه الزيارة بالتزامن مع تقارير إعلامية تشير إلى استعداد التيار الوطني الشيعي للعودة إلى المشهد السياسي العراقي، فقد أفادت مصادر مقربة من التيار بعزم زعيمه، السيد مقتدى الصدر، على المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، المقرر إجراؤها في أكتوبر/تشرين الأول 2025.
قراءةٌ في زيارة الصدر للبصرة
زيارة جعفر الصدر إلى البصرة قد تكون جزءًا من تحركات التيار الصدري لإعادة تموضعه في الساحة السياسية، خاصة مع اقتراب الانتخابات، وفق مراقبين.
ويرى المراقبون أن هذه الخطوة قد تهدف إلى تعزيز حضور التيار في المحافظات الجنوبية، والاستعداد للتحالفات السياسية المقبلة.
في هذا السياق، رحب ائتلاف دولة القانون بإمكانية عودة التيار الصدري إلى العملية السياسية، معتبرًا إياه ركنًا أساسيًا في المشهد السياسي العراقي.
وأشار عضو الائتلاف، عبد الرحمن الجزائري، إلى إمكانية تشكيل تحالفات مستقبلية بين الجانبين، بما يخدم الاستقرار السياسي في البلاد.
مع ذلك، تبقى عودة التيار الصدري مرهونة بإعلان رسمي من زعيمه، السيد مقتدى الصدر، وتلبية الشروط التي وضعها سابقًا.
حراك في الكواليس
خلال الأيام الماضية، تداولت وسائل الإعلام تقارير تشير إلى أن هناك تحركات داخل التيار الصدري استعدادًا للانتخابات البرلمانية المقبلة، لكن اللافت أن هذه الأنباء لم يصاحبها أي إعلان رسمي من الحنانة، كما لم يتم تسجيل أي قوائم انتخابية باسم التيار في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وفقا لأوساط صدرية.
تعليق الصدر الحديث، والمعلومات المتداولة، يتركان الباب مفتوحًا أمام احتمالات عدة، أبرزها أن التيار ما زال في مرحلة تقييم الأوضاع السياسية، قبل اتخاذ أي قرار نهائي، يخص العودة للعملية السياسية من عدمه.
حسابات معقّدة
عودة التيار الصدري إلى المشهد لن تكون خطوة سهلة، خاصة أن زعيمه مقتدى الصدر وضع شروطًا صارمة في السابق، منها إصلاح النظام السياسي ومحاربة الفساد، وهي مطالب لم تتحقق بشكل ملموس حتى الآن، الأمر الذي يطرح تساؤلات كثيرة منها: هل قرر التيار التخلي عن هذه الشروط أم أنه يراهن على تحالفات جديدة تتيح له العودة بشروطه الخاصة؟.
لا تسجيل بالمفوضية حتى الآن
وحصلت منصة “إيشان”، على تأكيدات من الصدريين أو القريبين منهم، أن “التيار الوطني الشيعي، لم يسجل في مفوضية الانتخابات للمشاركة بالعملية الانتخابية المقبلة”.
أما الإشاعات من هذا النوع عادة ما تنتشر بشكل هادئ، قبل أن تتكرر لاحقًا بجرعات أقوى، مما يساهم في تهيئة الرأي العام لقرار قد يتم الإعلان عنه لاحقًا.
الانتظار سيد الموقف
ومع عدم وجود إعلان رسمي حتى الآن، تبقى كل الاحتمالات مفتوحة. فإما أن يكون التيار الصدري يمهد بالفعل لعودة محسوبة، أو أن ما يجري ليس سوى اختبار للرأي العام، بانتظار اللحظة المناسبة لاتخاذ القرار النهائي.
ومن المقرر، أن تجرى انتخابات 2025، في نهاية العام الحالي، وتبقى الكتل السياسية تنظر إلى عودة الصدريين للعملية السياسية، كونها تشكل منعطفًا مهمًا في المشهد السياسي العراقي.
يُذكر أن الصدر كان قد أعلن انسحاب تياره من العملية السياسية في آب2022، بعد صراعات سياسية انتهت باعتصام أنصاره، واشتعال الصدامات المسلحة في المنطقة الخضراء.