اخر الاخبار

العراق يواجه أسوأ أزمة مائية في تاريخه بتقنيات ري “بدائية”

تعيش الزراعة العراقية واحدة من أشد أزماتها، إذ تسببت...

الداخلية: فيديو شرطي المرور المرتشي قديم.. والعقوبة نُفذت منذ سنوات

أكدت وزارة الداخلية، اليوم الثلاثاء، أن مقطع الفيديو الذي...

رحيل أيقونة هوليوود روبرت ريدفورد عن 89 عاماً

توفي اليوم الممثل والمخرج الأمريكي الشهير روبرت ريدفورد عن...

بعد إصدار النشرة الحمراء.. استرداد مسؤول عراقي هارب منذ 2013

أعلنت هيئة النزاهة الاتحادية، اليوم الثلاثاء، عن استرداد المدير...

ذات صلة

العراق يواجه أسوأ أزمة مائية في تاريخه بتقنيات ري “بدائية”

شارك على مواقع التواصل

تعيش الزراعة العراقية واحدة من أشد أزماتها، إذ تسببت موجات الجفاف المتعاقبة وارتفاع درجات الحرارة، خلال السنوات الخمس الأخيرة، في تقليص الرقعة الزراعية في وسط وجنوب البلاد بشكل لافت. وبحسب مختصين، فإن منظومات الري التقليدية لم تعد صالحة للاستمرار، في ظل شح الموارد المائية وتراجع حاد في تدفّق نهري دجلة والفرات.

وفي هذا السياق، دعا مسؤولون وخبراء زراعيون إلى الإسراع باعتماد الزراعة “الذكية مناخيًا”، القائمة على منظومات ري حديثة تتحكم بدقة بكميات المياه المخصصة لكل محصول، ما يتيح تحسين الإنتاج وتقليل الهدر في الوقت نفسه.

ورغم إعلان وزارة الزراعة سابقًا عن خطط لتوزيع هذه المنظومات على المزارعين، فإن تلك الخطط لا تزال بلا جدول زمني واضح أو إجراءات تنفيذية ملموسة. في المقابل، سُجلت تجارب ناجحة في محافظة واسط، حيث جرى تركيب أنظمة ري بالتنقيط والرش في عدد من المزارع النموذجية، بتمويل ودعم من منظمات دولية.

وبات أمن العراق الغذائي، وفق العديد من التقارير، مرتبطًا بشكل مباشر بسرعة التحول إلى تقنيات ري حديثة، خاصة في ظل تصاعد الضغط السكاني وتراجع إنتاج المحاصيل الاستراتيجية.

العراق بحاجة إلى 80 مليون منظومة ري حديثة

في تطور لافت، أعلن وزير الصناعة والمعادن، خالد بتّال النجم، أن العراق يحتاج إلى نحو 80 مليون منظومة ري حديثة لتجاوز الأزمة المائية الخانقة. وجاء تصريح الوزير خلال افتتاح مصنع جديد لإنتاج منظومات الري الحديثة في قضاء أبو غريب ببغداد، بشراكة عراقية – سعودية.

ويتبع المصنع لشركة “الفارس العامة” الحكومية، ويعمل بالشراكة مع شركة “الخريّف” السعودية، بطاقة إنتاجية تبلغ 1500 منظومة سنويًا، تحت العلامة التجارية “رش”، لتغطية مساحات تتراوح بين 60 إلى 240 دونمًا.

وأوضح الوزير أن الوزارة قررت بيع هذه المنظومات بالتقسيط للمزارعين، بهدف تشجيعهم على التحول إلى الري الحديث، ودعم الإنتاج المحلي وتحقيق الاكتفاء الذاتي.

الهدر المائي سببه أنظمة الري التقليدية

سلّطت دراسة صادرة عن مركز تشاتام هاوس (أغسطس 2025) الضوء على خطورة الوضع المائي في العراق، مؤكدة أن 85% من موارده المائية تأتي من خارج الحدود، بينما توصف الإدارة الداخلية للموارد بـ”غير الفعالة”. وأشارت الدراسة إلى أن أحد أبرز أسباب الفاقد المائي يعود إلى الاعتماد شبه الكامل على أنظمة ري تقليدية، مثل الغمر والفيضانات، التي تهدر أكثر من 60% من المياه المخصصة للزراعة.

ودعت الدراسة إلى تبني سياسات زراعية جديدة ترتكز على أنظمة ري متطورة، مثل التنقيط والرش المحوري، التي أثبتت فعاليتها في دول ذات ظروف مناخية مشابهة. وشددت على أن التحول إلى هذه الأنظمة لا يقتصر على توفير البنية التحتية، بل يتطلب أيضًا حملات توعية واسعة النطاق، وتقديم حوافز مالية وتقنية للفلاحين، وربط الدعم الحكومي باعتماد هذه المنظومات.

واعتبرت الدراسة أن أي إصلاح حقيقي في القطاع الزراعي يجب أن يبدأ بإصلاح نظام إدارة المياه، من خلال تحديث الشبكات وتقليل نسب الفقد، وإصدار تشريعات تُلزم باستخدام وسائل ري حديثة.

70% من أراضي العراق تُروى بتقنيات بدائية

كشفت دراسة علمية نشرتها مجلة MDPI (مايو 2025) عن أن أكثر من 70% من الأراضي الزراعية في العراق ما تزال تعتمد على تقنيات ري بدائية، ما يتسبب في استنزاف خطير للموارد المائية دون عائد إنتاجي فعلي.

واعتمدت الدراسة على تحليل بيانات مناخية وصور أقمار صناعية لرصد العلاقة بين تغيّر المناخ وإدارة المياه والإنتاج الزراعي. وتوصلت إلى أن العراق يواجه ما يُعرف بـ”مفارقة المياه”، حيث تتراجع معدلات الهطول المطري، في حين تتزايد الحاجة إلى ري اصطناعي في ظل بنية تحتية متقادمة.

وأوصت الدراسة باعتماد أنظمة ري ذكية تعتمد على المراقبة الحرارية وتقنيات الاستشعار عن بُعد، إلى جانب استخدام نظم معلومات جغرافية (GIS) لتخطيط الري بشكل أمثل. وأشارت إلى أن أنظمة التنقيط والرش المحوري قد تقلل استهلاك المياه بنسبة تتراوح بين 35 إلى 50% مقارنة بالطرق التقليدية.

كما اقترحت إطلاق برامج تدريبية للمزارعين، بما يسهم في رفع كفاءة الاستخدام المائي وضمان استدامة الموارد الزراعية.

تجارب ناجحة رغم تحديات الكلفة

سلّط تقرير لموقع SpaceDaily (30 نيسان 2025) الضوء على تجارب محلية واعدة في محافظة النجف، حيث لجأ عدد من المزارعين إلى استخدام مياه الآبار لري أراضيهم الصحراوية عبر منظومات ري محورية حديثة.

ونقل التقرير شهادات مزارعين أكدوا أن اعتمادهم على هذه الأنظمة أسهم في زيادة إنتاجهم بنسبة تصل إلى 40%، كما خفّض من الهدر المائي إلى النصف. واعتبر خبراء أن هذه النجاحات قد تمهّد الطريق لتكرار التجربة في محافظات أخرى، لا سيما تلك التي تعاني من شح مائي مزمن.

غير أن التقرير أشار في المقابل إلى تحديات عدة تعيق توسيع استخدام هذه الأنظمة، أبرزها ارتفاع الكلفة، وغياب خدمات الصيانة والدعم الفني، إضافة إلى مخاطر استنزاف المياه الجوفية.

مع ذلك، أوصى التقرير بضرورة توثيق هذه التجارب وإنشاء قاعدة بيانات وطنية لتبادل المعرفة والخبرة بين المزارعين، ضمن ما سماه “بنك معلومات الري الحديث”، كخطوة نحو بناء نموذج زراعي أكثر مرونة في مواجهة الجفاف.