اخر الاخبار

الديمقراطيون ينشرون صوراً من تركة إبستين تضم ترامب وكلينتون وشخصيات نافذة

نشر الديمقراطيون في لجنة الرقابة بمجلس النواب الأمريكي، يوم...

تحذير للسائقين: انعدام الرؤية على الطرق الخارجية فجر وصباح السبت

حذرت الهيئة العامة للأنواء الجوية والرصد الزلزالي العراقية، مساء...

الأسود لم تزأر.. العراق يودع كأس العرب بعد الخسارة 1 – 0 أمام الأردن

غادر المنتخب الوطني، بطولة كأس العرب، بعد الخسارة أمام...

جليلة السيّد.. سردٌ بحرينيّ في مساء بغدادي

بغداد – إيشان احتفتْ مكتبةُ أطراس، في العاصمة بغداد، بالروائيّة...

القضاء يرسم الحدود.. رئيس مجلس القضاء الأعلى يؤكد حماية الحريات وصون حرية التعبير

وجّه رئيس مجلس القضاء الأعلى، القاضي فائق زيدان، اليوم...

ذات صلة

القضاء يرسم الحدود.. رئيس مجلس القضاء الأعلى يؤكد حماية الحريات وصون حرية التعبير

شارك على مواقع التواصل

وجّه رئيس مجلس القضاء الأعلى، القاضي فائق زيدان، اليوم الجمعة، بضرورة صيانة الحريات العامة وفي مقدمتها حرية الرأي والتعبير، مؤكداً أهمية منع الخلط بينها وبين جرائم القذف والتشهير، ولاسيما مع اتساع الخطاب العام على مواقع التواصل الاجتماعي وتزايد حالات التجاوز اللفظي والاتهامات غير المثبّتة.

وجاء التوجيه في سياق مقال قانوني لرئيس محكمة استئناف نينوى، القاضي رائد حميد المصلح، الذي ركّز على الإطار الدستوري لحرية التعبير والمعايير الفاصلة بينها وبين الجرائم الماسة بالسمعة، لافتاً إلى أن الدستور العراقي كفل حرية النقد، لكنه قيدها بالنظام العام وحقوق الآخرين، ومنع تحويلها إلى وسيلة للتشهير أو الإساءة.

وتناول المقال الإشكالات العملية المرتبطة بتنامي الخطاب الرقمي في العراق، وضعف الثقافة القانونية لدى الجمهور، واستخدام بعض الأطراف السياسية لأساليب التشهير عبر الاتهامات غير المثبتة.

كما شدد المصلح على ضرورة تطوير التشريعات العقابية المتعلقة بالقذف والسب، كون قانون العقوبات النافذ يعود إلى عام 1969 ولا يواكب البيئة الرقمية الحديثة.

ودعا المصلح إلى تعزيز الوعي المجتمعي وتنظيم ورش وندوات لتثقيف الإعلاميين والناشطين بمعايير النقد القانوني، وبناء توازن بين الحرية والمسؤولية، بما يحفظ الكرامة من جهة ويضمن ممارسة الحق الدستوري من جهة أخرى.

وفيما يلي نص المقال كما نُشر:

النص الكامل للمقال:

وجه رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان، اليوم الجمعة، بضرورة حماية الحريات وصيانتها كي لا يحصل لبس بينها وبين جرائم القذف والتشهير وفي مقدمتها حرية الرأي والتعبير.

وجاء ذلك خلال مقال لرئيس محكمة استئناف نينوى القاضي رائد حميد المصلح نشره مجلس القضاء الأعلى وفي ما يلي نصه:

تشكل حريّة التعبير إحدى أهم الحريات العامة التي يقوم عليها البناء الديمقراطي للدولة العراقية الحديثة، فقد كفل الدستور العراقي لعام 2005 هذا الحق في المادة 38 مانحا الأفراد فسحة واسعة للتعبير عن آرائهم وانتقاد أداء السلطات من دون خوف من الملاحقة، غير أن هذه الحرية بالرغم من أهميتها ليست مطلقة إذ يحدها القانون عندما يتجاوز القول حد النقد المشروع ليصبح قذفا أو تشهيرا يمس السمعة والكرامة.

ومع تنامي الخطاب العام في العراق خصوصا على منصات التواصل الاجتماعي تفاقمت إشكالية الخلط بين النقد وحرية التعبير من جهة وبين القذف والتشهير من جهة أخرى، وقد أدى هذا الخلط إلى إساءة استخدام الحق الدستوري وتسييسه في أحيان كثيرة وتحويله أحيانا إلى اداة للايذاء او الانتقام او تصفية الخصومات، وهنا لابد لنا من السعي إلى بيان الاطار القانوني الذي يحكم حرية التعبير وتحديد معايير النقد المباح وشرح حدود جرائم القذف والتشهير في القانون العراقي مع تحليل الإشكالات العملية الحالية وطرح توصيات تساعد على إقامة التوازن المطلوب بين الحرية والمسؤولية، فالاطار الدستوري لحرية التعبير ومضمون الحق فيه كما اشار اليه الدستور العراقي ونص عليه في المادة 38 من الدستور على أن تكفل الدولة على نحو لا يخل بالنظام العام والآداب حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل وحرية الصحافة والطباعة والإعلام والنشر.

والملاحظ أن الدستور لم يطلق الحرية على عواهنها، بل قيدها بالنظام العام والآداب وهو تقييد متعارف عليه في التشريعات فالفقه الدستوري يذهب إلى أن حرية التعبير ليست مطلقة بل مقيدة بحدود حقوق الآخرين خصوصا الحق في السمعة والكرامة فالحق في الانتقاد لا يبرر المساس بالشرف او توجيه الاتهامات غير المثبتة وبهذا التقييد يتحقق التوازن بين حرية الفرد ومسؤوليته فالدستور عندما منح الفرد حق النقد بوصفه ممارسة مشروعة لحرية الراي والتعبير فقد منحه اياه لأجل التعبير عن الاعتراض او التحليل او المراجعة او التقويم لسلوك او قرار عام شريطة ان يوجه الى العمل لا إلى الشخص وان يستند إلى وقائع او تقديرات موضوعية لا يقصد بها التشهير او الاساءة ولذلك كان ولا بد من وضع معايير للتمييز بين النقد والتجريح واعتمادها كمعايير قانونية عملية فألفاظ الشتم والحط من الكرامة والطعن الشخصي كلها الفاظ تخرج من دائرة النقد، أما اذا جاءت في سياق سياسي او رقابي فهي اقرب للنقد، وكلما ابتعد الكلام عن الوظيفة واقترب من الحياة الخاصة اصبح اقرب للتشهير ولذلك نظم قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 جرائم الاعتداء على السمعة او جريمة القذف وفق أحكام (المادة 433) والتي نص على كونها اسناد واقعة الى شخص من شأنها لو صحت ان توجب عقابه او احتقاره وتتكون من ركن مادي يتمثل باسناد واقعة محددة وركن معنوي يقصد الاساءة وقد شدد القانون العقوبة اذا وقع القذف بطريق النشر وقد نظم القانون ايضا جريمة السب وفق احكام (المادة 434) ونص على كونها رمي شخص بما يخدش الشرف او الكرامة دون اسناد واقعة محددة وهذه الجريمة ايضا من اكثر الجرائم انتشارا في الخطاب العام والمواقع الالكترونية وكثيرا ما يتحقق التشهير فيها بسبب اقتران القذف او السب بوسيلة نشر علنية واسعة كالصحف والقنوات او وسائل التواصل فلا بد للمجتمع الذي يريد ان يحيا حياة منتظمة ومتسقة ترسم فيها حدود العلاقة مع الاخرين بانتظام ان لا يخلط بين الحق الممنوح له وبين المسؤولية وان لا يتعسف في استخدام هذا الحق الدستوري والقانوني من خلال الوعي والتمييز بين النقد والقذف، فاتهام شخص بالسرقة والاختلاس والرشوة دون دليل معتبر يعد قذفاً كما ان الخوض في الاسرار الشخصية والزيجات والعائلة يعد تشهيرا كما وان نقل الشائعات يندرج في باب الاعتداء على السمعة وتكمن الإشكالات العملية بما يتعلق بالخلط ما بين النقد وحرية التعبير وجرائم القذف والتشهير بضعف الثقافة القانونية لدى الجمهور فكثيرون يعتقدون أن حرية التعبير تعني حرية الشتم والطعن وهذا فهم خاطئ اضف الى ذلك استخدام التشهير كأداة سياسية في المشهد العراقي فبعض الفاعلين السياسيين يلجأون الى استخدام الاتهامات كوسيلة ضغط سياسي مما يربك الرأي العام ويشوش المفاهيم القانونية ومن هذا المنطلق ووفق ما يتم توجيهنا به بشكل دائم ومستمر من قبل السيد رئيس مجلس القضاء الاعلى بضرورة حماية الحريات وصيانتها وكي لا يحصل لبس بينها وبين جرائم القذف والتشهير وفي مقدمتها حرية الرأي والتعبير ولجعل الفرد يمارس حريته المكفولة وفق المعايير القانونية لا بد من توعية وتثقيف المجتمع على المعايير القانونية والموضوعية في النقد من خلال عقد الندوات والورش والحوارات العامة اضافة الى تدريب الإعلاميين والناشطين على المعايير القانونية للنقد لخفض حالات الوقوع في جرائم السب والقذف عن غير قصد اضافة الى ضرورة تحديث وتعديل التشريعات بما يتعلق بجرائم القذف والسب والتشهير المنصوص عليها بقانون العقوبات كونه يعود لعام 1969ولا يتلاءم مع البيئة الرقمية الحالية فمن من الضروري سن تشريعات جديدة اكثر وضوحا وحداثة.

واختم بالقول إن العلاقة بين حرية التعبير والنقد من جهة وبين القذف والتشهير من جهة اخرى علاقة دقيقة تستلزم فهما قانونيا متينا فالدستور العراقي كفل الحق في التعبير والنقد لكنه لم يمنح غطاء للاساءة او الاتهام بلا دليل وعلى المجتمع القانوني والإعلامي العمل معا لترسيخ ثقافة قانونية تحمي الحريّة من جهة وتصون الكرامة من جهة أخرى، ‎ومن هنا تبدو الحاجة ملحة الى تطوير التشريعات وإعادة تعريف حدود النقد ومسؤولية النشر بما يضمن خطابا عاما ناضجا يحترم الدستور ويخدم المصلحة العامة.