بعد اندلاع الأزمة السورية عام 2011، كشرت الجماعات المتشددة عن أنيابها، ومن تحت غطاء الاحتجاجات “المعارضة” للحكومة السورية، والتي تناغمت ضمن إيقاع “الربيع العربي”، ظهرت جماعات مسلحة خطيرة على رأسها “الجيش السوري الحر”، و”جبهة النصرة”، وتنظيم “داعش”، فضلا عن قوات سوريا الديمقراطية.
سقطت القرى والمدن واحدة تلوة الأخرى، مشاهد التعذيب والتنكيل والتمثيل بالجثث انتشرت على الإنترنت، والأزمة وصلت إلى مشارف دمشق، عاصمة سوريا.
على بعد سبع كيلومترات من العاصمة، يقع مقام السيدة زينب (ع) المكان الذي يحمل قدسية كبيرة بالنسبة إلى الطائفة الشيعية، وهناك كتب مجهولون على الجدران “سترحلين مع النظام”، وذلك بعد أشهر من اندلاع الأزمة في سوريا، وكان ذلك بمثابة جرس إنذار بالخطر المحدق بهذا المكان، وهذه الطائفة.
“لن تسبى مرتين”
تهديد مقام السيدة زينب بنار من يطلقون على أنفسهم بـ”المعارضين السوريين” وحلفائهم من المقاتلين القادمين من بلدان عربية واخرى بدعم سعودي وقطري وتسهيلات تركية، أرجع العراقيين الشيعة الى ذاكرة المعركة الأليمة، وحالة الندم العميقة لعدم نصرة الإمام الحسين، ومنع “السبي الزينبي”، فرفع موالون شعارَ “زينب لن تسبى مرتين”، كانتصار تاريخي للواقعة.
فتشكل أول فصيل شيعي مقاتل باسم “لواء أبو الفضل العبّاس”، في إشارة إلى “كفالة” الأخ غير الشقيق للسيدة زينب في موقعة الطف التاريخية.
لواء أبو الفضل العباس
النواة الأولى لهذا الفصيل تشكلت من عراقيين يعملون في محيط السيدة زينب، لاحقا ضم شيعة سوريين من بلدة الفوعة، ولبنانين وأفغان، وفي هذه المرحلة برز اسم الشهيد أحمد حسن كيارة، قائدا ميدانيا بقناصه الشهير.
ومع احتدام الأوضاع هناك، ووصول الاشتباكات على بعد شوارع قليلة من مقام السيدة زينب، انضم إلى اللواء عناصر من حركة بدر وعصائب أهل الحق وكتائب حزب الله وجيش المهدي، وغيرها من الفصائل العراقية.
شارك هذا الفصيل بمعارك تحرير منطقة السيدة زينب، ومعارك طريق المطار، ومعارك القلمون، ومعارك جنوب دمشق، ومعركة بلدة الحجيرة جنوب دمشق، ومعركة المليحة التي استمرت 135 يوماً، ومعارك حي جوبر، ومعارك الغوطة ومعارك ريف حماة الشمالي، ومعارك مدينة حلب في آب 2013.
حركة النجباء
أما الفصيل الثاني من ناحية مساحة الوجود والعدد في الأراضي السورية هو حركة النجباء بزعامة أكرم الكعبي، إذ يؤمن الفصيل اليوم مناطق واسعة في سوريا، وينتشر على جبهة تمتد من مطار حلب الدولي إلى بلدة الحاضر، وله أيضا تواجد على تخوم العاصمة دمشق في مناطق حي جوبر، والنشابية، ومطار النيرب، وعلى طريق حرستا.
يتوزع مقاتلو الفصيل على ثلاثة ألوية هي لواء عمار بن ياسر ولواء الإمام الحسن المجتبى الذي يعمل على تأمين طريق مطار دمشق الدولي، ولواء الحمد الذي يؤمن ريف دمشق.
وخاضت النجباء معارك حاسمة في سوريا أبرزها معارك القصير إلى جانب حزب الله اللبناني، ومعارك طريق المطار، ومعارك العبادية، ومعارك السيدة زينب، ومعارك مخيم اليرموك، ومعارك الشيخ نجار في حلب، ومعارك نبل والزهراء، ومعارك العيس وخان طومان، ومعارك الغوطة الشرقية، ومعركة سهل الغاب، ومعارك سلمى، ومعارك حلب، ومعارك جبين وخناصر.
فصائل أخرى
بالإضافة إلى الفصيلين المذكورين، شاركت فصائل أخرى منها كتائب حزب الله العراقي، ولواء ذو الفقار، وسرايا عاشوراء، وكتائب حيدر الكرار، وكتائب الإمام علي، ولواء أسد الله الغالب، وسرايا طلائع الخراساني، ولواء المؤمل ولواء كفيل زينب، وكتائب سيد الشهداء.
تؤمن الفصائل العراقية المنتشرة في سوريا، في مناطق مفتوحة لا تحتوي على منشآت أو مواقع عسكرية أو اقتصادية، وتعمل على ملء فراغ لمنع تمدد القوات الكردية (قسد) أو لمنع بقايا تنظيم “داعش” من إيجاد موطئ قدم مريح لها، باستثناء مناطق معينة حيث تؤمن بعض الفصائل المناطق المتاخمة للأراضي التي يسيطر عليها المتشددون وما يسمون أنفسهم بالمعارضة.
