لم يمر سوى سنة وأكثر من أربعة أشهر على عمر حكومة محمد شياع السوداني، التي نالت ثقة البرلمان في 22 تشرين الأول 2022، حتى بدأت فكرة الانتخابات المبكرة تنمو مجدداً، خاصةً بعد تلويح الديمقراطي الكردستاني بالانسحاب من العملية السياسية.
ويترقب صدريون ما يحصل من مشكلات داخل ائتلاف إدارة الدولة، الذي تعرض طرفان منه (الديمقراطي الكردستاني، وتقدم) إلى هزّة سياسية، جعلت الأول يقاطع انتخابات برلمان الإقليم، والثاني يفقد رئاسة البرلمان بعد إبعاد زعيمه محمد الحلبوسي عن المنصب.
وتشكّل ائتلاف إدارة الدولة، عقب انسحاب الكتلة الصدرية من البرلمان، وتبنّى تشكيل الحكومة بشكل توافقي، إلا أن الهزتين السياسيتين جعلتا طاولة التفاوض معرضة للانشطار.
السوداني يطير إلى أربيل
ومع إعلان حزب مسعود بارزاني، مقاطعة انتخابات الإقليم، سارع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بالسفر إلى أربيل، لحلحلة المشكلات وإعادة “الاستقرار السياسي” ليُكمل عمر حكومته حتى انتخابات العراق في المفترض إجرائها في العام المقبل، وفقاً لما يرى القيادي في تيار الحكمة، النائب السابق حسن فدعم.
ويقول فدعم في حديث لـ “إيشان”، إن “السوداني حريص على النجاح، وأهم عوامله الاستقرار السياسي لذلك يتحرك السوداني وغيره من قادة البلد على حل الأزمات، وإنهاء الخلافات والمضي بخدمة الشعب”.
ويرى، أن “السوداني لديه علاقة طيبة مع الإقليم، وخطابه مقبول، وطرحه دائما إيجابي”، معبّرا عن أمله بأن “تنجح لقاءاته في الإقليم”.
ومع هذا الاهتزاز الذي تعرض له ائتلاف إدارة الدولة، برز الحديث عن عودة تحالف الصدر مع بارزاني والحلبوسي، وهو الأمر الذي يستبعد حدوثه فدعم، حين يقول، إن “نتائج التحالف الثلاثي السابق كانت واضحة، والمجرب لا يجرب، وهذه الطريقة جُربت سابقة والعراقيون شاهدوا نتائج عمل الاستفراد بإدارة الدولة من طرف واحد بأنها غير ناجحة”.
ضغط بارزاني على بغداد
ويشير فدعم، وهو قيادي في تيار الحكمة الذي يمثل أحد أضلع الإطار التنسيقي، إلى أن “بارزاني عودنا على هذه التصريحات والمواقف بشكل مستمر، وتصريحاته دائما مستفزة، وتهدف للضغط على الحكومة الاتحادية واتهامها باستمرار”.
وأضاف، أن اتهامات بارزاني تأتي “رغم مشاركتهم في كل مفاصل الدولة، ولديهم رئاسة الجمهورية ووزراء ووكلاء وسفراء، ولديهم وزارة الخارجية وحصة أكبر من محافظات العراق الأخرى، ويصدرون نفطهم من دون أن يسلموا بغداد ولا دولار واحد، خلافا للدستور والقوانين.. ومع ذلك يمارسون مثل (ضربني وبكى .. سبقني واشتكى)”.
وبينما يستبعد فدعم، فكرة عودة التحالف الثلاثي، يعتقد محللون في الشأن السياسي، أن يلتقي بارزاني والحلبوسي مع الصدر في نقاط معينة، أبرزها الدعوة لإقامة انتخابات مبكرة.
ويقول إحسان الشمري، وهو أستاذ السياسات العامة في جامعة بغداد، إحسان الشمري: “لا أتصور بأن هناك تحالفا خفيا بين الصدر وبارزاني والحلبوسي، لأن الأول سبق له دعوة الأخيرين إلى الانسحاب، وانتهى تحالفه مع هاتين الشخصيتين، واعتزل الجانب السياسي”.
ويتابع: “أتصور أن الحلبوسي قد لا يكون محط تحالف موثوق مع الصدر، على اعتبار أنه تعامل براغماتيا مع الصدر، الذي يفكر بقوى ناشئة، ومعارضة في الداخل والخارج، لتدخل معه في تحالف وهذا أمر مرجح”.
وأوضح “إذا لم يحصل الديمقراطي الكردستاني على نوع من المرونة في القرارات التي يريدها، والحلبوسي وحزبه منصب رئيس البرلمان، أعتقد بأن يطالبان بانتخابات مبكرة وهذه تصب في رؤية التيار الصدري الذي يفكر بالعودة مع انتخابات برلمانية”.
ويتابع تصوره قائلاً: “إن زيارة السوداني تأتي ما بعد السفيرة الأمريكية إلى أربيل، وهي طمأنة من قبله، ومحاولة كسب بارزاني على اعتبار أن السوداني قد يواجه مشاكل خصوصا مع الحديث عن انتخابات مبكرة”.
صدأ يضرب إدارة الدولة
ويرى ائتلاف النصر الذي يتزعمه حيدر العبادي، رئيس الوزراء الأسبق، أن ائتلاف إدارة الدولة “يعاني من أزمات، وصدأ”، وهذا الأمر قد يدفع إلى تفكك التحالف الذي يدير الدولة، وينشئ تحالفات جديدة.
وتوضح ذلك، آيات مظفر النوري المتحدثة باسم الائتلاف وهي تقول لـ “إيشان”: إن “ظاهرة التحالفات السياسية ومتغيراتها احدى سمات مرحلة ما بعد 2003، إذ تجتمع الكتل لتشكيل تحالفات، بعضها رصينة ويستمر لسنوات طوال، وأغلبها الآخر يتشكل كرد فعل آني او لغرض او هدف مرحلي معين، وعلى اثر هذا تشكل التحالف الثلاثي بهدف تشكيل حكومة الا انه لم يتمكن من ذلك وانفرط عقد التحالف بمجرد انسحاب ابرز اقطابه ومؤسسه (الكتلة الصدرية)”.
وتقول النوري، إن “مبررات دخول بقية اركان التحالف الثلاثي لهذا التحالف في حينها، هي نفس مبررات دخولهم في تحالف ادارة الدولة الذي وضع خارطة طريق تسعى الحكومة لتنفيذه عبر الاتفاق السياسي الذي تشكلت الحكومة على اثره”.
وتابعت حديثها: “من الطبيعي عدم إمكانية تحقيق جميع بنود الاتفاق لأسباب عديدة، من بينها قانونية ودستورية او لمتغيرات سياسية، أبرزها تغيير رئيس البرلمان العراقي اثر قرار قضائي وقرار المحكمة الاتحادية تجاه القضايا في الاقليم والتي امتثلت له ابرز اقطاب تحالف ادارة الدولة من بينها الاطار التنسيقي”.
الأمور بحاجة لطرف ثالث
وتلفت إلى أن “هذهِ المتغيرات قد تفضي الى حل تحالف ادارة الدولة واعادة بناء تحالفات جديدة، ان لم يتمكن طرف ثالث من معالجة الازمات ورأب الصدأ الحاصل، إذ أننا أمام مفترق طرق بين إكمال مسيرة تحالف إدارة الدولة والحكومة لحين انتهاء الدورة البرلمانية الحالية او انفراط عقده، واتجاه التحالف الجديد نحو المطالبة بانتخابات مبكرة لإعادة رسم خارطة تشكيل الحكومة وبناء اتفاق سياسي جديد اكثر وضوحاً والزاماً”.
وبينت أن “هذا السيناريو يتوقف على قرار او نية التيار الصدري بالعودة للعملية السياسية وهذا ما نأمله وندعو له مؤمنين بضرورة وجود التيار بمتبنياته واهدافه واليات عمله وجمهوره الفاعل والمؤثر كأداة ضغط شعبية نحو تحقيق المطالب العادلة”.
وتكمل: “إذا تحقق هذا الشرط ربما نجد تحالف عمودياً جديداً يضم المعترضين على سياسات اقطاب تحالف ادارة الدولة ومن بينهم الحزب الديمقراطي الكردستاني و حزب تقدم”.
وتشير إلى أن “الفرصة للحكومة وعلى رأسها السيد السوداني في إيجاد حلول ملائمة وقانونية للاشكاليات الحاصلة وإقناع جميع الاطراف بالعدول عن تلويحهم بالانسحاب او تجميد العلاقات السياسية الحزبية مع الاخرين”.