مع صدور النتائج الأولية للانتخابات العراقية، برزت ملاحظة محورية في المشهد الجديد: ارتفاع عدد مقاعد المكوّن الشيعي إلى أكثر من 197 مقعداً، وهو رقم يُعدّ الأعلى في الدورات الانتخابية الأخيرة، ما يفتح الباب واسعاً أمام أسئلة تتعلق بقدرة القوى الشيعية على تمرير القوانين المؤجلة والمعطّلة في البرلمان السابق.
كتلة أغلبية… ولكن؟
ورغم أن امتلاك أغلبية مريحة يتيح نظرياً إمكانية تمرير القرارات والقوانين ذات الحساسية السياسية، إلا أن التجربة العراقية، خصوصاً بعد 2003، أثبتت أن العامل الحاسم ليس عدد المقاعد فقط، بل مستوى التوافق بين القوى داخل المكوّن نفسه.
ارتفاع مقاعد الشيعة إلى 197 لن يكون مؤثراً ما لم تُحسم الخلافات التقليدية بين الكتل ذات الاتجاهات المختلفة، خصوصاً تلك التي تتباين رؤيتها حول الملفات الأمنية، وموقع هيئة الحشد الشعبي، والعلاقة مع الإقليم.
قانون الحشد في الواجهة
يُعد قانون هيئة الحشد الشعبي أحد أبرز الملفات التي تعطّلت في الدورة الماضية، سواء بسبب الخلافات السياسية أو حساسية المواقف الإقليمية.
ومع زيادة عدد النواب الشيعة، يعود السؤال بقوة: هل يستطيع البرلمان الجديد تمرير القانون بتعديلاته التي تطالب بها الفصائل والحكومة؟
مصادر سياسية تؤكد أن القانون يحظى الآن بـ”بيئة سياسية أكثر قبولاً”، بفعل: تَقدّم الكتل الداعمة للحشد في عدد المقاعد، وتغيّر المزاج السياسي العام.
إلّا أن تمرير القانون لا يعني انتهاء الجدل، إذ يتوقع مراقبون مواجهة اعتراضات من قوى أخرى ترى أن بعض التعديلات تمنح الحشد صلاحيات واسعة أو تزيد من العبء المالي على الدولة.
بين القدرة والإرادة
القدرة العددية متاحة اليوم بلا شك، لكن الإرادة السياسية داخل البيت الشيعي هي التي ستحدد مصير القوانين الكبرى، ومنها: قانون هيئة الحشد الشعبي (التعديلات الموسّعة)، وقوانين النفط والغاز والمحكمة الاتحادية.
وإذا ما تمكّن المكوّن الشيعي من توحيد موقفه حول مسارات الإصلاح الأمني والسياسي، فقد يشهد البرلمان المقبل أكبر موجة تمرير قوانين منذ سنوات.
ارتفاع مقاعد الشيعة إلى أكثر من 197 يمنحهم قوة تشريعية واضحة، لكنه لا يضمن النجاح تلقائياً.
فالاختبار الحقيقي ليس في عدد الأصوات، بل في قدرة القوى الشيعية على إدارة التناقضات الداخلية، وتقديم رؤية موحدة حول مستقبل الدولة والحشد والمؤسسات الأمنية.
