اخر الاخبار

ساعات على الاقتراع.. المفوضية توجه بإزالة دعايات المرشحين قرب المراكز الانتخابية

وجّهت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، اليوم الجمعة، بإزالة الدعاية...

المبعوث الأميركي: دولة جديدة ستنضم لاتفاق التطبيع مع الكيان

أعلن المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، يوم الخميس، أن...

السفارة العراقية في ليبيا تعيد 25 مهاجراً إلى البلاد

أعلنت السفارة العراقية في ليبيا، اليوم الخميس، نجاحها في...

ذات صلة

موسم المقناص.. خليجيون يبحثون عن طرائد ثمينة في بادية المثنّى

شارك على مواقع التواصل

أعلنت وزارة الداخلية، اليوم، ضبط 4 صيادين يحملون الجنسية الكويتية في بادية المثنى، وذلك بعد أيام من ضبط 3 صيادين كويتيين في المنطقة ذاتها. لكن ما الذي يقود الكويتيين إلى بادية المثنى؟

في كل خريف، تتحوّل بادية العراق الجنوبية إلى مسرح لهجرة الطيور، ولرحلات الصيّادين الذين يترقّبون موسم الحُبارى والقطا والصقور. ومع انكسار حرارة الصيف في شهري أيلول وتشرين الأول، يبدأ ما يُعرف محلياً بـ”موسم المقناص”، الذي يجذب صيّادين من دول الخليج، خصوصاً من الكويت وقطر والسعودية، لما تتمتع به البادية من تضاريس منبسطة ومساحات مفتوحة تمتد حتى حدود السعودية.

غير أن هذا الموسم المليء بالإثارة لا يمرّ بلا اصطدامات. فمع بداية كل عام جديد، تتكرّر بيانات وزارة الداخلية العراقية حول “ضبط” أو “إيقاف” صيّادين أجانب دخلوا البلاد بتأشيرات سياحية لممارسة الصيد، في مناطق تُعتبر خارج نطاق الترخيص، أو خلال فترات يمنع فيها الصيد لأسباب بيئية.

موسم الهجرة والصيد

يُعدّ العراق أحد أهم المعابر الموسمية للطيور المهاجرة في الشرق الأوسط، إذ تمرّ عبره أنواع عديدة من الطيور القادمة من سيبيريا وإيران وآسيا الوسطى في طريقها إلى إفريقيا. وتصل ذروة الهجرة في الخريف، بين أيلول وتشرين الثاني، وهي الفترة نفسها التي تشهد انتعاش نشاط الصيّادين.
وتُعدّ طيور الحُبارى أبرز أهداف الصيّادين، إذ تشكّل رمزاً تقليدياً للصقّارة في الثقافة الخليجية. وتُستخدم الصقور المدربة لملاحقة الطرائد في سباقٍ غير متكافئ، غالباً ما ينتهي بقتل الطائر النادر، الذي يُصنّف في قوائم الأنواع المهدّدة بالانقراض في آسيا.

تقدّر دراسات بيئية حديثة أن ما بين 1.7 و4.6 ملايين طائر يُصطاد سنوياً في المنطقة الممتدة بين العراق وإيران وشبه الجزيرة العربية، ما يجعلها واحدة من أكثر المناطق تضرراً من الصيد الجائر. ويقول باحثون إن العراق فقد في العقود الأخيرة جزءاً كبيراً من تنوّعه الطيري بسبب تراجع المسطحات المائية والتغيّر المناخي والصيد العشوائي.

وتمنح وزارة الداخلية العراقية أحياناً سمات دخول خاصة لما تسميه “الصيّادين الأجانب”، ضمن ضوابط محددة تشمل نوع الطريدة، ومناطق الصيد، وفترة الترخيص التي تمتد عادةً من مطلع كانون الأول حتى شباط. لكن ضعف الرقابة الميدانية في البوادي الشاسعة يجعل تنفيذ هذه الضوابط أمراً صعباً، إذ غالباً ما يدخل الصيّادون البلاد بتأشيرات سياحية، ثم يتوجهون مباشرة إلى البادية برفقة مرشدين محليين.

وفي مواسم سابقة، حذّرت وزارة البيئة من تداول منشورات غير رسمية تزعم “فتح موسم الصيد”، مؤكدة أن أي إعلان بهذا الخصوص يجب أن يصدر عنها حصراً. ومع ذلك، تتزايد في كل خريف الشكاوى من قيام فرقٍ محلية وأجنبية بممارسة الصيد دون إذن رسمي أو في مناطق محظورة بيئياً.

جنة الصيادين

تمتد بادية المثنى على مساحات تزيد عن 90 ألف كيلومتر مربع، وتُعدّ من أكثر المناطق عزلةً في العراق، وتتميّز بغطائها النباتي الصحراوي الذي يجذب الحُبارى والقطا. هذه العزلة نفسها جعلتها مقصداً مثالياً للصيّادين الباحثين عن مغامرة بعيدة عن الأنظار، لكنها أيضاً جعلت ضبط الحدود مهمة معقدة، خاصة في مناطق التداخل مع السعودية والكويت.

مصادر أمنية عراقية أشارت في أكثر من مناسبة إلى أن بعض الصيّادين يستخدمون سيارات رباعية الدفع بلوحات أجنبية وأجهزة اتصال متطورة، ويصطحبون صقوراً باهظة الثمن. وفي بعض الحالات تُضبط معهم مبالغ مالية كبيرة تُستخدم لدفع تكاليف المرشدين المحليين أو لتسويات ميدانية.

وراء الظاهرة أيضاً بُعد اقتصادي وثقافي. فالصيد بالصقور بالنسبة لبعض العائلات الخليجية ليس مجرد هواية بل طقس موروث ووسيلة لإثبات المكانة الاجتماعية، في حين يشكّل للبدو العراقيين في البادية مصدر دخلٍ موسمي، سواء عبر مرافقة الصيّادين أو بيع الصقور البرية.

لكن هذه العلاقة التي تجمع بين السياحة الريفية والتقاليد القديمة تصطدم بالواقع البيئي الهش في العراق. فبعد عقود من الجفاف وتقلّص الأهوار وتدهور الغطاء النباتي، باتت الطيور المهاجرة أقل عدداً وأكثر عرضة للانقراض. تحذيرات علمية متكررة أشارت إلى أنّ استمرار الصيد غير المنظم “قد يؤدي إلى انهيار بعض الأنواع تماماً خلال سنوات قليلة”.

رغم إعلان السلطات العراقية نيتها تشديد القوانين البيئية، فإنّ الغرامات المفروضة لا تزال متواضعة مقارنة بعوائد الصيد أو المبالغ التي تُنفق على الرحلات. وتقدّر مصادر محلية أن بعض الصيّادين يدفعون ما يصل إلى 20 ألف دولار للحصول على تصريح مؤقت لموسم واحد.

في المقابل، تقترح منظمات بيئية محلية تحويل نشاط الصيد إلى سياحة منظمة خاضعة لإشراف الدولة، تُدرّ دخلاً قانونياً وتوفّر حماية للأنواع النادرة. لكن تنفيذ ذلك يتطلّب تنسيقاً بين وزارات البيئة والداخلية والزراعة، وهو تنسيق لا يزال هشاً.