اخر الاخبار

رويترز: قوات سورية قتلت 1500 علوي وتسلسل القيادة يقود إلى حكومة دمشق

    بعد قتل الشاب السوري سليمان رشيد سعد وشق صدره...

شعر بها المواطنون.. تسجيل هزة أرضية في أربيل بقوة 4.1 ريختر

  أعلنت الهيئة العامة للأنواء الجوية والرصد الزلزالي (إحدى تشكيلات...

نماذج مفتوحة المصدر.. الصين تنافس وادي السيليكون من بوابة الذكاء الاصطناعي

في تطوّر يعكس تغيّرًا جذريًا في سياسات الذكاء الاصطناعي،...

الشرطة الإسرائيلية تلاحق نجل نتنياهو في قضية “خطيرة”

استدعت الشرطة الإسرائيلية يائير نتنياهو نجل رئيس الوزراء بنيامين...

ذات صلة

نماذج مفتوحة المصدر.. الصين تنافس وادي السيليكون من بوابة الذكاء الاصطناعي

شارك على مواقع التواصل

في تطوّر يعكس تغيّرًا جذريًا في سياسات الذكاء الاصطناعي، تتجه كبرى شركات التكنولوجيا الصينية نحو استراتيجية الانفتاح، مطلقةً نماذج ذكاء اصطناعي مفتوحة المصدر تنافس بها اللاعبين الكبار في السوق العالمي. خطوة تضع شركات مثل “أوبن إيه آي” و”أنثروبيك” أمام واقع جديد: المنافسة لم تعد مقتصرة على الأداء فحسب، بل أصبحت تدور حول تكلفة الوصول، ومستوى الشفافية.

شركة Tencent الصينية، أحد عمالقة التكنولوجيا في البلاد، دشّنت هذا التوجه بإعلانها عن أول نموذج مفتوح المصدر من سلسلة نماذجها “هونيوان” (Hunyuan). النموذج الجديد، الذي يحمل اسم Hunyuan-A13B، يعتمد على تقنية Mixture-of-Experts (MoE)، وهي مقاربة مبتكرة توزّع المهام على “فريق” من الشبكات العصبية المتخصصة، بدلاً من تفعيل النموذج الكامل لكل مهمة.

ورغم أن البنية الداخلية للنموذج تضم نحو 80 مليار مُعامل، إلا أن 13 مليارًا فقط منها يتم تفعيلها أثناء التشغيل، ما يمنح النموذج توازنًا فريدًا بين الأداء العالي وكفاءة استخدام الموارد. والأهم: يمكن تشغيل النموذج على بطاقة رسوميات متوسطة الأداء، ما يعني أن مطوري التطبيقات الصغيرة، وحتى الأفراد، بات بإمكانهم العمل على مشاريع ذكاء اصطناعي متقدمة دون الحاجة لبنية تحتية باهظة.

النموذج أثبت قدرات لافتة في مهام تشمل الاستدلال الرياضي، والتحليل المنطقي، وتنفيذ التعليمات المعقدة، كما يدعم التكامل مع أدوات خارجية تُستخدم في إعداد الأدلة السياحية وتحليل البيانات، فضلاً عن إمكانيات تخصيص أنماط التفكير فيه بحسب الحاجة.

تم تدريب Hunyuan-A13B على 200 تريليون رمز (Token)، وهو متاح الآن للتنزيل عبر GitHub وHugging Face، كما توفر Tencent واجهة برمجية (API) عبر سحابة الشركة، لتسهيل دمجه في تطبيقات متنوعة.

لكن Tencent ليست وحدها في هذا الميدان. فقد أعلنت شركة Baidu – عملاق التكنولوجيا الصيني الآخر – عن نيتها فتح مصدر نموذجها اللغوي التوليدي “إيرني” (ERNIE)، في خطوة وُصفت بأنها “زجاجة مولوتوف” ألقيت في سوق الذكاء الاصطناعي العالمي. النموذج، الذي أعلنت عنه الشركة في وقت سابق هذا العام، كان حتى وقت قريب محصورًا في بيئة مغلقة. اليوم، وبحسب تصريحات الشركة، سيتم إتاحته تدريجيًا للمطورين، ضمن ما سمّته بـ”استراتيجية تمكين عالمية”.

خطوة بايدو هذه تأتي كردّ مباشر على النجاح الذي حققته نماذج مفتوحة مثل “DeepSeek”، النموذج الصيني الذي استطاع مجاراة – بل وتحدي – نماذج تجارية عالمية في الأداء والموثوقية، وفقًا لتقارير صادرة عن CNBC. ويقول شون رين، الأستاذ المشارك في علوم الحاسوب بجامعة جنوب كاليفورنيا: “هذه ليست مجرد قصة صينية. كل مرة يُتاح فيها نموذج قوي مفتوح المصدر، يرتفع معها السقف أمام الجميع.”

المحلل التقني أليك ستراسمور يرى في خطوة بايدو إعلان حرب لا مجرد منافسة: “توقّفوا عن دفع مبالغ طائلة… بايدو تفعل تمامًا ما فعلته كيركلاند ضد العلامات التجارية الكبرى. إنها تنقل الذكاء الاصطناعي من رفوف النخبة إلى كل يد”.

لكن الانفتاح لا يأتي بلا أسئلة. ما مدى شفافية هذه النماذج؟ وهل تم تدريبها على بيانات حصلت الشركات على موافقة مسبقة لاستخدامها؟ هذه الهواجس، بحسب مختصين، قد تُقيّد من انتشار النماذج الصينية في الأسواق الغربية، حيث الخصوصية والامتثال القانوني يشكّلان عاملي حسم رئيسيين.

ورغم ذلك، لا تخفى الطموحات الصينية. فبين Tencent وBaidu وDeepSeek، تسعى الشركات إلى بناء نفوذ تقني عابر للحدود، وتوفير نماذج مجانية أو منخفضة التكلفة قادرة على أداء مهام متقدمة في تحليل البيانات، إنتاج النصوص، وأتمتة الخدمات. ومع كل إصدار جديد، تتقلص الفجوة بين الشرق والغرب في مجال الذكاء الاصطناعي.

في نهاية المطاف، يبدو أن الصين قررت ألا تنتظر السباق، بل تعيد رسم خريطته. النماذج مفتوحة المصدر، وإن كانت لا تضمن الهيمنة وحدها، إلا أنها تفتح أبوابًا جديدة للنقاش حول التكلفة، الملكية، وحق الوصول، وهي محاور تُهدد النماذج المغلقة في صميمها.