شهد العراق، اليوم الثلاثاء، يوماً انتخابياً حافلاً توافد خلاله ملايين المواطنين إلى صناديق الاقتراع في انتخابات مجلس النواب 2025، وسط مقاطعة التيار الصدري، ووفاة أحد المرشحين في البصرة، فيما صدحت مكبرات الجوامع في عدد من المحافظات بدعوات لحثّ الناخبين على المشاركة.
صباح اليوم افتتحت أبواب مراكز الاقتراع في مختلف المحافظات العراقية، إيذاناً بانطلاق عملية التصويت العام لانتخابات مجلس النواب لعام 2025، وسط إجراءات أمنية مشددة ومتابعة محلية ودولية واسعة.
وقالت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات إن النتائج الأولية ستُعلن خلال 24 ساعة من انتهاء التصويت، مشيرة إلى أن عدد الناخبين المشمولين بالتصويت العام بلغ 20,063,773 ناخباً، فيما بلغ عدد مراكز الاقتراع 8703 مراكز، توزعت على 39285 محطة اقتراع.
وأعلنت المفوضية في تقرير منتصف اليوم أن نسبة المشاركة تجاوزت 23 بالمئة، مؤكدة أن جميع محطات الاقتراع ستُغلق في السادسة مساءً من دون أي تمديد.
وأوضحت أن الإقبال في الساعات الأولى كان محدوداً، لكنه أخذ بالارتفاع تدريجياً مع اقتراب ساعات المساء، وهو ما أكدته وسائل الإعلام التي نقلت مشاهد ازدياد أعداد الناخبين في مختلف المحافظات.
وبعد إغلاق الصناديق مساء الثلاثاء، بدأت المفوضية بعمليات العدّ والفرز الإلكتروني، تمهيداً لإعلان النتائج الأولية خلال الساعات المقبلة.
وقالت المتحدثة باسم المفوضية جمانة الغلاي في تصريح صحفي إن العملية الانتخابية “تكللت بالنجاح”، مؤكدة أن المفوضية لم تسجل أي خروق فنية في عملها خلال التصويت العام.
مقاطعة الصدر
في موازاة ذلك، جدد زعيم التيار الوطني الشيعي مقتدى الصدر صباح اليوم دعوته إلى مقاطعة الانتخابات، مستذكراً شعار المرجعية الدينية “المجرب لا يجرب”.
وقال الصدر في بيان: “إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالوطن، ولا يؤمنون بالإصلاح وهم له منكرون. المجرب لا يجرب شلع قلع. مقاطعون للفساد والتبعية.”
وفي تدوينة لاحقة، أكد الصدر أن كل من يدّعي دعم التيار في الانتخابات الحالية “كاذب”، مضيفاً: “نحن مقاطعون ولن نشاركهم بفسادهم وتبعيتهم ولا بسلاحهم المنفلت، فحب الوطن من الإيمان.”
واختتم الصدر يومه بزيارة قبر والده المرجع محمد محمد صادق الصدر بعد إغلاق صناديق الاقتراع عند السادسة مساء.
في الأثناء، تداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة لأطفال في مدينة الصدر يهتفون ضد الانتخابات، فيما أظهر مقطع آخر إطلاق عيارات نارية في الهواء لتفريق تجمع قرب أحد مراكز الاقتراع.
المساجد تدعو عبر مكبرات الصوت
في محافظة الأنبار، شهدت المساجد والجوامع دعوات عبر مكبرات الصوت لحثّ المواطنين على المشاركة في الانتخابات.
وقال شهود إن الخطباء ركزوا على أن المشاركة تمثل “واجباً وطنياً وحفاظاً على حقوق المحافظة”.
وفي محافظة كركوك، وجّه رئيس مجلس المحافظة محمد إبراهيم الحافظ نداءً مماثلاً من خلال الوقف السني، داعياً المواطنين إلى التصويت “بوصفه واجباً شرعياً ووطنياً”.
كما تداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لنداءات مماثلة من مساجد في محافظات أخرى، في محاولة لرفع نسبة المشاركة قبل إغلاق الصناديق.
وفاة مرشح
وفي تطور مؤسف، أعلن تجمع الفاو زاخو وفاة أحد مرشحيه في محافظة البصرة خلال يوم الاقتراع.
وقال الأمين العام للتجمع عامر عبد الجبار في بيان نعي: “ينعى تجمع الفاو زاخو فقيدَه (عدي العجمان)، مرشّح التجمع في محافظة البصرة، الذي انتقل إلى جوار ربه بعد مسيرةٍ حافلةٍ بالعطاء والإخلاص في خدمة الوطن والمجتمع.”
وأضاف البيان أن الفقيد كان “مثالاً في الخلق الكريم والروح الوطنية الصادقة”، معلناً تأجيل جميع احتفالات الفوز في عموم المحافظات حداداً على روحه.
رصد المنظمات لافتتاح المراكز الانتخابية
أصدر تحالف الشبكات والمنظمات الوطنية لمراقبة الانتخابات في العراق، مساء اليوم الثلاثاء، تقرير الحوادث الثالث ليوم التصويت العام في انتخابات مجلس النواب 2025.
وقال التحالف في بيان، إنه قام “بتنفيذ عملية رصد واسعة الانتشار، تشمل جميع مراحل يوم الاقتراع في مراكز ومحطات الاقتراع في المحافظات كافة، من خلال شبكة من المراقبين والمتطوعين”.
وأضاف أن “عملية الرصد تتم عبر استمارات تنظيمية، تشمل ملاحظات حول سير عملية الاقتراع، وأداء المفوضية، وحركة المراقبين، والمخالفات بمختلف أنواعها”.
وأظهر تحليل تقرير الحوادث حتى الساعة الخامسة مساءً، وفق البيان، أن “العملية تسير بصورة جيدة عموماً حتى الآن”، غير أنه شخّص مجموعة ملاحظات تمثلت برصد “24 حالة كان هناك فيها عملية عنف، مثل المشاجرات أو استخدام الأسلحة أو إلحاق الأذى البدني بالناخبين، أو موظفي الاقتراع، أو المراقبين”.
وأشار إلى “رصد 98 حالة تهديد أو ترهيب، و228 حالة للحد من حركة وحقوق المراقبين في المراكز والمحطات الانتخابية، فضلاً عن 165 حالة للسماح بإدخال الموبايل في المحطات وتصوير ورقة الاقتراع من قبل الناخبين”.
اعتقال مخالفين
وأفادت وسائل إعلام محلية باعتقال عدد من الأشخاص قرب مراكز انتخابية في بغداد والأنبار ومناطق أخرى بتهمة الترويج لمرشحين خلال يوم الاقتراع.
ولم تصدر حتى الآن بيانات رسمية بشأن أعداد المعتقلين أو تفاصيل الحوادث المسجلة.
