“هيلة بنت الكاظم”، مرقدٌ يقع على تلة في مندلي قرب الحدود العراقية الإيرانية، يستقبل زائرين من أماكن مختلفة عبر ما يسمى “حملة دار”، وله قصصٌ مختلفة، فالبعض يعدّه “مكاناً لقضاء الحوائج”، وآخرون يرونه “مرقداً وهمياً”.
المرقد يتوسّط منطقة صحراوية فارغة، ويعلو تلك التلّة القريبة من الحدود الإيرانية، ويُعتقد أنه يعود لابنة الإمام موسى الكاظم (الإمام السابع عند الشيعة الإمامية).
رواية “استشهادها” على التلة
وفي إيران، هناك مرقد للإمام علي بن موسى الرضا، وتقول الروايات الشعبية، إن “العلوية هيلة بنت الكاظم توفيت على هذه التلة، حين كانت ترافق، أخاها الإمام الرضا الذي اتجه إلى خراسان، ودُفِنَ في مشهد الإيرانية حالياً”.
انقسام بشأن مرقد “هيلة”
ومؤخراً، علا مرقد “هيلة بنت الكاظم” على تلك التلة، وصار مزاراً ويطلب منه الزائرون “قضاء حوائجهم”، فالمنشورات على الفيسبوك المرتبطة باسم “هيلة” تقول: “نادي يا هيلة، وستقضي حاجتك”.
وتابعت “إيشان” تعليقات المستخدمين، فعددٌ كبيرٌ منهم، نادوا باسم “هيلة”، ومنهم مَن أراد أن ينجح في دراسته، وأخرى تريد أن تُنجب طفلاً، وآخرون “تمنّوا” أن تُقضي “العلوية هيلة” حوائجهم دون أن يفصحوا عنها.
وما أن نُشِرَ مقطعٌ مصوّر، يظهر إعماراً جديداً داخل مرقد “العلوية” حتى تساءل مواطنون عن صحته، ومدى إمكانية أن يكون “مرقداً وهمياً”.
غير موجودة لدى الوقف الشيعي
وتواصلت منصة “إيشان” مع ديوان الوقف الشيعي، المعنيُ بتسجيل هذه المراقد، وحصلت منه على لائحة تظهر المراقد الرسمية المسجّلة في الديوان، لكنّها لم تتضمن مرقد “العلوية هيلة”.
وأبلغ مصدرٌ من داخل الوقف الشيعي، “إيشان”، أن “المرقد غير مُحقق من الوقف الشيعي، وهو اجتهاد شخصي من قبل المواطنين ولا يمتُّ للوقف بأي صلة”.
بنات الإمام الكاظم ليس فيهن “هيلة”
ووفقاً للروايات المتفق والمختلف عليها، فإن أسماء بنات الإمام الكاظم لم يأتِ فيهن اسم “هيلة”، فالروايات اختلفت بشأن عددهن بالمضبوط، لكنها لم تتضمن اسماً اتفق عليه الجميع، سوى فاطمة المعصومة بنت الإمام الكاظم، ومرقدها في قم بإيران.
رأي من داخل الحوزة في النجف
ويفنّد رجل دين من داخل الحوزة العلمية في النجف، رواية “مرافقة هيلة للإمام الرضا، ووفاتها في الطريق”، إذ يقول إن “الإمام الرضا جاء إلى خُراسان مُعتقلاً، ولحقت به فيما بعد فاطمة المعصومة التي استشهدت هناك، وصار مرقدها معروفاً والجميع اتفق عليها”.
وأوضح رجل الدين، الذي فضّل عدم ذكر اسمه بسبب “حساسية الموضوع”، أن “هناك بعض مَن قرأ بأن الرضا له بنت اسمها (هيّلة)، ولا يُعلم كيفية وفاتها، ولا يوجد اي دليل على أن هذا المرقد يعود لها”.
ويقول عبر “إيشان”، إن “قضية مرقد هيلة، مشابهة للقضايا الأخرى المشكوك بها، كما اختُرع اسم شخص اسمه بكر بن الإمام علي، والإمام علي ليس له ابن بهذا الاسم، بل كان له ولد اسمه محمد ويكنى أبي بكر”.
قضية “المراقد الوهمية”
وبحثت “إيشان” هذا الموضوع، مع حسين النوري، وهو باحث إسلامي ودكتور أكاديمي، الذي يقول، إن “العراق شهد عدداً كبيراً من المراقد الوهمية، وأول من أثار وتجرأ بالحديث عن هذه القضية، المدعو أحمد بن علي قريب الحلي في الزمن السابق، والسيد الشهيد محمد باقر الصدر أثار هذا الموضوع في صلاة الجمعة، وبأنه ليس مرقدا ولم يثبت لدينا في التاريخ”.
وأشار إلى “مرقد ثانٍ في بغداد مرقد السيد حمد الله واعتبره ليس بمرقد وإنما مغتسل فقط، والمرقد الصحيح في النجف الأشرف وارجوا إلغاء التواجد فيه”، قبل أن يرى النوري أن “المرقد صار مكانا للعشاق”، حسب ما نقلوا له.
ولفت إلى أن “كتاب مراقد المعارف أشار الى المراقد المعروفة، والمراقد غير الذكورة في الكتاب هو وهمي”.
عن “بنات الحسن”
وأُنشأت مراقد عدة، تحمل أسماء لبنات تم إرجاع نسبهن إلى الإمام الحسن، وأبرزهن: “سميچة، ولطيفة، وخضروات”، وصار بعض الناس يتردد عليها.
وعن الموضوع، يبين النوري أن “التاريخ حاول ان يشوه صورة الامام الحسن ومن غير المعقول ان يكون هذا العدد الكبير لبنات الحسن، وهذا غير صحيح فإن الإمام الحسن لديه 5 أبناء، واستشهدوا في الطف فيما جرح ابنه الذي حصلت منه الذرية الحسنية”.
وبين، أن “المنتفعين من المزارات المزورة هم أشخاص نعاني منهم في كل زمان ومكان، وقصص كثيرة مرّت في حياتنا اليومية عن وجود مزارات لا صحة لها، ولا أساس للروايات التي انطلقت منها وتبدأ من عالم الرؤيا”.
وتابع، أن “هناك مراقد في الحلة يعد مكان ومزار مهم وعندما طرح احد العلماء حقيقة عدم وجود صحة لهذا المرقد بدأت الاتهامات تنهار على الشخصية”.
لا تتضمن “هيلة”.. إحصائية بالمزارات المسجلة رسمياً
وهناك مزارات مسجّلة رسمياً عند الوقف الشيعي، وحصلت منصّة “إيشان” على قائمة بعدد المراقد، فالعاصمة بغداد تحتضن 21 مرقداً، أبرزها: “مزارات مريم بنت الإمام الصادق، والسيد إدريس من أحفاد الإمام حسن المجتبى، وإبراهيم بن علي، ومزارات سفراء الإمام المهدي”.
أما بابل، فإنها تحتضن 40 مزاراً، وهو العدد الأكبر بمختلف المحافظات، وأبرزها: “شريفة بنت الحسن، والقاسم بن الإمام الحسن، وولدي مسلم بن عقيل، ونبي الله ذي الكفل، والحمزة الغربي من ذرية العباس، وعون بن الإمام علي، وأحمد بن الإمام موسى الكاظم”.
وأقل محافظتين، يرعى الوقف الشيعي مزاراتها هي ذي قار والمثنى، إذ أن الأولى لا يوجد فيها إلا مزار “عمرو بن أمية الضميري، صاحب الرسول الكريم والإمام علي، ولقبه (أبو عجلة) في قضاء سوق الشيوخ ناحية الفضلية”، أما الثانية فيوجد فيها “مزار السيد إبراهيم بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن أمير المؤمنين الملقب بـ (أحمر العينين)، في قرية سيد إبراهيم ويبعد 10 كم من مدينة الرميثة”.
أما ميسان، فإن فيها 7 مزارات، و6 في كل من صلاح الدين، ونينوى.. و9 في البصرة، و5 في واسط، و15 في الديوانية، و3 في كركوك.
أما ديالى (المحور الأساسي في موضوع مرقد “العلوية هيلة)، فإنها تحتضن 15 مرقدا، لم تتضمن مرقد “العلوية” المذكورة، بل فصّلتها كلها وجاء فيها: “مزار محسن بن الإمام علي الهادي، ومزار السيد أحمد بن زيد بن أحمد بن جعفر بن أبي طالب الملقب بـ (كرز الدين)، ومزار أبو الفتح نظام الدين يوسف، ومزار المختار الذي يعود نسبه للإمام علي الهادي، ومزار المقداد بن عبد الله، ومزار محمد تاج الدين، حفيد الإمام الكاظم، ومزار السيد أحمد بن الإمام الكاظم، ومزار السيد عبد الله بن الإمام الهادي، ومزار السيد عبد الولي بن أبا ذر من ذرية الإمام الكاظم، ومزار محمد بن علي الذي يعود نسبه للإمام الكاظم، ومزار علي بن محمد (أبو ادريس)، ومزار السيد عبد الله بن علي الأشقر بن السيد جعفر الزكي، ومزار السيد ياسين بن الإمام الهادي، ومزار إبراهيم السمين بن تاج الدين، ومزار الشريف بن شرف الدين (الشريف الرضي).